الفصل الثاني
في حدوث القرآن والاشارة إلى كلامه سبحانه
اعلم أنّ المتكلمين بل كافة المسلمين وغيرهم من الملّيين (١) أجمعوا على إطلاق القول بأنّه تعالى متكلم كما دلّ عليه ظواهر الكتاب ومتواتر السنّة ، بل هو ضروري عند كافة الملّيين فضلا عن المسلمين فلا حاجة إلى الاستدلال له بالنقل المتواتر من الأنبياء كي يناقش مرّة بالمنع من تحقق شرائط التواتر التي من جملتها تحقق العدد ، في جميع مراتب السلسلة ، واخرى باشتماله على الدور الذي قد يدفع بجواز إرسال الرسل بأن يخلق الله فيهم علما ضروريا برسالتهم من الله تعالى في تبليغ أحكامه ، ويصدّقهم بأن يخلق المعجزة حال تحدّيهم فيثبت رسالتهم من غير توقف على ثبوت الكلام ، ثم يثبت منه الكلام بقولهم ، إنّما الكلام في تحقيق كلامه وحدوثه ، والمحكيّ عنهم في سبب اختلافهم على ما ذكره الدواني (٢) وغيره أنهم
__________________
(١) الملّيون هم غير المسلمين من المتألهين ، قال في مجمع البحرين : الملّة في الأصل ما شرع الله لعباده على السنة الأنبياء ليتوصّلو به إلى جوار الله ويستعمل في جملة الشرائع دون آحادها ولا يكاد يوجد مضافة إلى الله ولا إلى آحاد أمّة النبيّ (ص) بل يقال أمّة ـ محمّد (ص) ثم إنها اتسعت فاستعملت في الملل الباطلة.
(٢) الدواني محمّد بن سعد أو أسعد جلال الدين ينتهي نسبه إلى محمّد بن أبي بكر حكيم ، فاضل ، شاعر ، مدقق كان من أكابر القرن التاسع والعاشر ، له شروح وحواش على جملة من الكتب المنطقية والحكمية والكلامية ، اختلفوا في مذهبه ، قد يقال : إنه كان مخالفا ثم استبصر وصنف رسالة سماها «نور الهداية» وصّرح فيها بتشيّعه ، ونقلوا عنه أبيات تدل على تشيعه مثل هذين البيتين بالفارسية :