أعراض قائمة بغيرها لا تقوم بنفسها ، ولأنّها بأقسامها مسبوقة بالحروف البسيطة المفردة المفتقرة المتفقرة إليها في تحصل وجودها على الوجوه الثلاثة مع أنّهم لم يقولوا بقدم الحروف الثمانية والعشرين فكيف يصّح القول بقدم ما يتألف منها سيمّا مع تأخر المؤلّف بالفتح عن التأليف وعن البسائط وعن ملاحظة المعنى الحادث وتبعيّة اللفظ له تركيبا ودلالة ووضعا بل لعلّه يلزمهم بعد ذلك القول بقدم سائر الكلمات والتراكيب وتصنيف المصنّفين ولذا ولغيره مما يرد على هذا القول تبرّء المتأخرون منهم عنه ونسبوه إلى الحشوية (١) ، والكرّامية (٢) ، والحنابلة (٣) ، بل ذكر بعضهم أنّ القرآن يطلق بالاشتراك اللفظي على ذلك المعنى القديم وعلى هذا المؤلّف المخصوص القائم بأول لسان اخترعه الله فيه حتى أنّ ما يقرأ كل واحد سواه بلسانه يكون مثله لا عينه كما هو أحد القولين عندهم وأصحّهما عند بعضهم أنه اسم له لا من حيث تعيين المحلّ فيكون واحدا بالنوع ويكون ما يقرء القاري أيّ قار كان نفسه لا مثله كما هو الحال في كل شعر وكتاب ينسب إلى مؤلّفه.
وحيث قد أورد عليهم بأنه لا وجه حينئذ لاختصاص موسى كليم الله مع ان كلّا منّا يسمع كلامه اللفظي ، بل كذا الأزلي النفسي ، إذا أريد بسماعه فهمه من الأصوات المسموعة.
__________________
(١) الحشوية طائفة تنسب إلى الحشو بفتح الحاء وضم الشين قرية من قرى خوزستان أو تنسب الى الحشا بمعنى الأمعاء لان هذه الطائفة كلما خطر على أنفسهم يظهرونه بغير التأمل ، والتفكير وهؤلاء أصحاب الحسن البصري كما في مستطرفات البروجردي صاحب الصراط المستقيم ـ ريحانة الأدب ج ١ ص ٣٢٨ ـ.
(٢) الكرامية أتباع محمّد بن كرّام وقد مرت ترجمته من قبل.
(٣) أتباع أحمد بن حنبل وقد مضت ترجمته.