تعالى فيه : (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) سورة الروم آية ١ ـ ٥.
أخرج الواحدي عن المفسّرين قالوا : «بعث كسرى جيشا إلى الروم ، واستعمل عليهم رجلا يسمى شهريران ، فسار إلى الروم بأهل فارس ، وظهر عليهم ، فقتلهم ، وخرّب ديارهم ، وقطع زيتونهم ، وكان قيصر بعث رجلا يدعى يحنس فالتقى مع شهريران بأذرعات وبصرى ، وهي أدنى الشام إلى أرض العرب ـ فغلب فارس الروم ، وبلغ ذلك النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، وأصحابه بمكة ، فشق ذلك عليهم ، وكان النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» يكره أن يظهر الأميون من أهل المجوس على أهل الكتاب من الروم ، وفرح كفار مكة ، وشمتوا ، فلقوا أصحاب النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» فقالوا : إنّكم أهل كتاب ، والنصارى أهل كتاب ، ونحن أميّون ، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من الروم ، وإنّكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم ، فأنزل الله تعالى : (غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ...) سورة الروم إلى آخر الآيات.
وفعلا صدق إخبار الله تعالى ، وقاتل الروم أهل الكتاب المجوس أهل الفرس مرة أخرى ، وانتصروا عليهم ، وكما أخبر القرآن ، وكان ذلك في بضع سنين حيث تعني كلمة بضع من ثلاث إلى تسع. وحدّد بعض المفسّرين أنّ انتصار الروم على الفرس كان في السنة التاسعة فعلا.
وفرح المؤمنون بهذا النصر وبنصرهم في غزوة بدر حيث تمّ في نفس الفترة.
٢ ـ غيبيّة دخول المسلمين مكة المكرّمة آمنين محلقين رءوسهم ومقصرين. وقد أراها الله رسوله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» في منامه ، وتحققت فعلا في العام الّذي بعد عام الحديبية والتي قال الله فيها : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا