والله تعالى هو الذي يعطي ويهب ، ويمنح ويرزق. والعبد يتصرف بمال الله كوكيل بالتصرف على مال الله ، والوكيل عليه أن يلتزم بقواعد الوكالة في الإنفاق للأموال.
يقول الإمام الرازي في تفسيره : «الفقراء عيال الله ، والأغنياء خزّان الله ، لأنّ الأموال التي في أيديهم أموال الله ، فليس بمستبعد أن يقول المالك لخازنه : اصرف طائفة ممّا في تلك الخزانة إلى المحتاجين من عيالي» (١).
فإذا ضمن الخازن أي الغني بمال موكله ـ وهو الله ـ على عياله ـ وهم الفقراء ـ استوجب نكال الله.
وفي الحديث القدسي يقول تعالى : «المال مالي ، والفقراء عيالي ، والأغنياء وكلائي ؛ فإذا بخل وكلائي على عيالي ، أذقتهم وبالي ، ولا أبالي» (٢).
وتؤكد الدلائل الشرعية رسوخ نظرية الاستخلاف في مال الله ، وتوجب التزاما ماليا على المستخلف لهذا المال بالتصرف ، والإنفاق ضمن الحدود والأوجه التي شرعها الله.
ثانيا : نظرية التكاليف العامة ـ ومنشأ هذه النظرية أساسه : حقّ الله في التكليف لعباده ، وبما يشاء من تكاليف شرعية : بدنية ، أو مالية ، عبادة خالصة لوجهه تعالى حمدا وثناء على خلقه ، ونعمائه ، وتأصيلا لحكمته في خلقه لعباده ، وهي العبادة. مصداق قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) سورة الذاريات آية ٥٦.
__________________
(١) أنظر : الإمام فخر الدين الرازي ـ لكتاب : التفسير الكبير المسمى : مفاتيح الغيب. المطبعة المصرية سنة ١٩٣٨ ج ١٦ ص ١٠٣.
(٢) أنظر : دكتور يوسف القرضاوي. كتاب : فقه الزكاة. ج ٣ ص ١٠١٥.