وقد صدّقت السّنّة النبوية قواعد الأخوة في الإيمان ، وشيدتها بشواهد الجسد الواحد تكفل أعضاؤه بعضها بعضا. مصداق قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمّى ، والسهر». من حديث النعمان بن بشير. متفق عليه.
وقد ربطت السّنّة النبوية بين شواهد الإيمان ، وبين واجبات الأخوة في المساعدة ، والإغاثة ، والإنفاق. مصداق قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه ، وهو يعلم» ، رواه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود (١).
وقد وضع القرآن شواهد وأسس قواعد التلاحم ، والترابط ، والتعاطف ، والتضامن بين أفراد المجتمع الإنساني أيضا ، مصداق قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) سورة الحجرات آية ١٣.
فالإسلام في وضعه لقواعد الترابط ، والتلاحم ، والتعاطف والتضامن بين أفراد المجتمع الإنساني ، فقد حرص بالتالي على تأصيل شواهد تلك القواعد من خلال فريضة الزكاة ، تطبيقا لهذه القواعد في التلاحم والتعاطف ، وفي النصرة والإغاثة بين أفراد المجتمع الإسلامي ؛ سدا لرمق الفقير ، وقضاء حاجة المسكين ، وإغاثة المنكوب الغارم ، أو ابن السبيل تأكيدا لحق هؤلاء ، وغيرهم في الحياة الأمثل وتطهيرا لأموال الأغنياء ، وتزكية لأنفس المزكين من دنس شرورها وحرام بخلها ، وإثم مكسبها. ومبرر ذلك كلّه مبدأ الأخوة في الله ؛ وسنده معالم الروحية في بذل المساعدة والعطاء ، وحب البذل ، والإيثار ، وبلا مقابل مرجو تعبيرا عن شواهد مبدأ الأخوة في التعاطف ، والتراحم ، وتطبيقا لمعالم الإيمان في حب الأخ المسلم لأخيه المسلم.
__________________
(١) المنذري. كتاب : الترغيب والترهيب ج ٣. ص ٣٨٩. طبعة محمد الحلبي.