الذين لا يقرون بالإلحاد كما يزعمون ـ أنّ الإسلام دوما كان حجة على المسلمين ، وليس العكس. لقد أسلم قسيس مدينة أسيوط في الستينات من هذا القرن ـ وكان رئيسا للكنيسة القبطية ، وأستاذا لعلم اللاهوت والشريعة المسيحية ، قاده إلى ذلك تجرده من التعصب الديني أولا ، وحياده في الحكم على صلاحية الأديان ثانيا ، فعاتبه أهل دينه ، وعيّره اثنان من زملائه القساوسة على تغيير دينه ، ونعيا عليه انحطاط تفكيره الذي قاده إلى اعتناق دين يمثل واقع أهله المسلمين أدنى ، وأكثر مراحل المجتمعات الإنسانية تخلفا سواء في علومهم أو أخلاقهم. فهداه الله إلى قوله لهم : إنّي لا أتّخذ من المسلمين حجة على الإسلام ، ولكنني أتّخذ من الإسلام حجة على المسلمين. هذا هو قولنا لأكابر العلمانيين في جدالهم ، ومناقشتهم.
ومشكلة العلمانيين هذه الأيام أنهم لم يفهموا دينهم ، ولم يحسنوا عرض دينهم للآخرين ؛ ولم يهتدوا إلى مقاييس السلامة في الحكم على دينهم إن بقيت في قلوبهم ذرة من دين.
ثانيا : إنّ أصحاب الشبهة من العلمانيين يغالطون أنفسهم ، ويقعون في شرّ مغالطاتهم. إنّهم ينكرون مثالية التطبيق الفعلي للإسلام طيلة عهود الدولة الإسلامية. وكما يقول أستاذ العلمانيين فؤاد زكريا : «أمّا التجارب التاريخية فلم تكن إلّا سلسلة طويلة من الفشل ، وهم يدّعون أنّ الإسلام لم يطبق على حقيقته على مر القرون» وكما يقول فؤاد زكريا أيضا : «فعلى أي أساس يأمل هؤلاء أن تكون التجربة المقبلة التي يدعون إليها في مصر هي وحدها التجربة التي ستنجح فيما أخفقت فيه الأنظمة الإسلامية على مر القرون؟!!».
وهو بدوره يتخذ من عمر بن الخطاب شخصية فذة فريدة ظهرت مرة واحدة ، ولن تتكرر. وذلك حتى يقنط الدعاة المسلمون ، ويستكينوا ، ويقلعوا عن الدعوة إلى الله ، وتطبيق شريعة الإسلام. فهو ييئسهم بقوله : وإذا كانت تجارب القرون العديدة ، وكذلك تجارب العصر الحاضر قد