فقهه ، وأساليب حكمه. قال تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) سورة الأعراف آية ١٨١.
وأيضا كما يقول شيخنا محمد الغزالي : «يظهر أنّه لا غرابة في وجود أخطاء في تاريخنا الثقافي ، والسياسي ؛ وإنّما الغرابة في التستر على هذه الأخطاء ، أو الاستحقاق في معالجتها ، والتعمية على آثارها» (١).
ولنا القول : واستنادا إلى معايير الموضوعية في الحكم على الأمور ، فنحن نعترف بحدوث تجاوزات في تجارب الحكم الإسلامي ، ولكننا في نفس الوقت ننعي على الفيلسوف المثقف فؤاد زكريا في خروجه عن كل موضوعية عند ما يحكم على جميع التجارب التاريخية للحكم الإسلامي بأنها فاشلة ، ويحصر المثالي الناجح منها فقط في عصر عمر بن الخطاب «رضي الله عنه» ، ودون أي دليل ، أو مستند تاريخي سليم ، أو مسوغ عقلاني صحيح.
ونحن بدورنا أيضا ننعي عليهم أن يتخذوا تجربة واحدة ، أو من تجارب قليلة خاطئة ، مسوغا لهم للخروج عن حدود الموضوعية ؛ ويحكمون على عدم صلاحية التطبيق المثالي للإسلام قديما ، وحديثا. وهم بذلك يتجاوزون كل حدود المنطق العقلاني السليم. وهم يتوّجون تجاوزهم في حكمهم هذا بشواهد سوء النيّة المبيتة للطعن في الإسلام. ودليل ذلك أنّهم لا يطبقون حكمهم هذا على تجاوزات التجارب العديدة والفاشلة في الرأسمالية ، والاشتراكية. بل ويتمادون أكثر من ذلك فلا يصفونها بالفاشلة ، وحتى وقد يلتمسون الأعذار لها. وهم كما يقول شيخنا يوسف القرضاوي «إن العلمانيين ، والماركسيين يتعاملون بمنطقين مختلفين : منطق مع الإسلاميين ، ومنطق مع أنفسهم. فهم مع الإسلاميين يحمّلون الإسلام كل الأخطاء ، والانحرافات في التاريخ ، وكل الأخطاء والانحرافات في التطبيق المعاصر. فالإسلام عندهم هو مجموع
__________________
(١) الشيخ محمد الغزالي. كتاب : مائة سؤال من الإسلام. ج ٢. ص ٣٥٢ ـ ٣٥٤ ـ القاهرة.