قواعد الحقيقة ، ودلالتها في حكمهم على تباشير الصحوة الإسلامية. وهم ينكرون أن يكون اتساع المطالبة بتطبيق الشريعة حجة لصالحها ؛ وهم يبررون ذلك الاتساع بنقص الوعي لدي الجماهير. فأستاذهم دكتور فؤاد زكريا يقول في مقدمة كتابه : «الوهم والحقيقة» وبالحرف الواحد : «إنّ الدعوة إلى تطبيق الشريعة ـ التي تعلو أصواتها في الآونة الراهنة ـ ترتكز بلا شك على قاعدة جماهيرية واسعة ، وكثير من أنصارها يتخذون من سعة الانتشار هذه حجة لصالحها ؛ ويستدلون على صحة اتجاههم من كثرة أشياعهم وأنصارهم». وهو يقول أيضا مبررا هذا الانتشار الواسع : «إنّ الانتشار الواسع للاتجاهات الإسلامية بشكلها الراهن إنّما هو مظهر صارخ من مظاهر نقص الوعي لدي الجماهير». وهو يعلق إيجابية ، وفعالية ، وحجية سعة المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية على تحقيق النضج الكامل عند الأفراد. فهو يقول بالحرف الواحد : «وفي رأيي أن اتساع القاعدة الجماهيرية التي تنادي بمبدإ معين لا يمكن أن يكون مقياسا لنجاح هذا المبدأ إلّا في حالة واحدة فقط ، هي التي يكون فيها وعي هذه الجماهير ناضجا كل النضج». وهكذا ، يحكم ، ويحلل ، ويبرر العلمانيون مؤشرات الصحوة الإسلامية بعقليات مقفلة ، وذهنيات منحرفة ، وضلالات زائفة ، فلنا أن نناقشهم قليلا.
١ ـ أي منطق عقلاني واع تنطلقون منه ، وتحكمون ، وتقررون أن سعة انتشار المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية لا يصلح أن يكون حجة لصالحها؟!! وهل عدم ، أو ضيق ، أو قلة المطالبة هو الحجة الصالحة لذلك؟!! إن عقولنا لا تستطيع أن تعي مثل هذا المنطق بالنسبة لمثل أنواع هذا التحليل والتبرير. ولنا التساؤل هنا : أليست شرائع الاشتراكية والرأسمالية تتخذ من مبدأ سعة المطالبة ـ والذي تسميه الأغلبية أو الأكثرية ـ معيارا للحكم على صلاحية السياسة ، أو أهلية الحزب للحكم ، والتي تستند دوما إلى اتساع القاعدة العريضة للجماهير؟!! ألا تتخذ سعة القاعدة العريضة للجماهير في إضرابهم ، ومظاهراتهم ، واحتجاجاتهم معيارا سليما لا يمكن تجاهله في الحكم على الأنظمة ، والسياسات ،