لشبهات العلمانيين في عدم صلاحية الشريعة الإسلامية استنادا إلى حكم الظلم الحجّاجي ، يورد الدكتور يوسف القرضاوي في إحدى محاضراته على مسامع طلاب وطالبات جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية في قسنطينة في سبتمبر سنة ١٩٨٩ م رواية تؤكد تقوى الحجاج ، وخشيته من الله تعالى ، فهو يذكر عنه أنّه اعتقل رجلا وأدخله السجن ، ثمّ أوتي به ، فقال له : ما الذي جاء بك إلى السجن؟!! قال : أخذني ولاتك. قال له : وفيم أخذوك؟! قال : جنى جان من عرض العشيرة ـ أي من أقاربه في العشيرة ـ فبحثوا عن الجاني ، فلم يجدوه ، فأخذوني بدله. فقال الحجاج : أما سمعت قول الشاعر :
جانيك من يجني عليك |
|
وقد تعدي الصّحاح مبارك الجرب |
أي أن قريبك الجاني هو الذي جنى عليك ، كمثل الإبل الجرباء تعدي بالمرض الإبل الصحاح. وقال الحجاج : أما سمعت قول الشاعر أيضا :
ولربّ مأخوذ بذنب عشيرة |
|
ونجا المقارف صاحب الذّنب |
وكأن الحجاج يريد أن يبرئ نفسه من ظلم هذا الرجل. فقال الرجل إنّي سمعت الله يقول شيئا آخر. فقال الحجاج : وما ذا يقول؟؟ قال الرجل : إنّه يقول على لسان يوسف عند ما عرض عليه إخوته أن يأخذ أحدهم بدلا من أخيهم «بنيامين» أصغرهم الذي وجد المتاع المسروق في رحله : (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) سورة يوسف آية ٧٨ ـ ٧٩.
وما سمع الحجاج الآيتين ، وقوله تعالى : (إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) حتى صرخ قائلا : أطلقوا سراح الرجل ، لقد صدق الله وكذب الشاعر.
خامسا : إنّ أصحاب هذه الشبهة من العلمانيين يتنكرون لأبسط