الحماني روى : «أن الحجاج بن يوسف الثقفي جمع القرّاء ، والحفّاظ والكتّاب ، فقال : أخبروني عن القرآن كله كم من حرف هو؟! قال : ـ وكنت فيهم ـ فأجمعنا على أن القرآن ثلاثمائة ألف حرف ، وأربعون ألف حرف ، وسبعمائة حرف ، وأربعون حرفا. قال : فأخبروني إلى أي حرف ينتهي نصف القرآن؟! فإذا هو في الكهف في (وَلْيَتَلَطَّفْ) في الفاء. قال : فأخبروني بأثلاثه؟ فإذا الثلث الأوّل ـ رأس مائة من «براءة» ، والثلث الثاني ـ في رأس مائة وواحدة من (طسم) الشعراء ، والثلث الثالث ـ ما بقي من القرآن. قال فأخبروني عن أسباعه؟ فإذا أوّل سبع في «النساء» : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ) في الدال ، والسبع الثاني في «الأعراف» : (حَبِطَتْ) في التاء. والسبع الثالث في «الرعد» : (أُكُلُها دائِمٌ) في الألف من آخر أكلها ، والسبع الرابع في : «الحج» : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) في الألف ، والسبع الخامس في «الأحزاب». (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ) في الهاء ، والسبع السادس في «الفتح» : (الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ) في الواو ، والسبع السابع ما بقي من القرآن. قال سلام : علمناه في أربعة أشهر. وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربعا. فأوّل ربعه ـ خاتمة الأنعام ، والربع الثاني ـ في الكهف (وَلْيَتَلَطَّفْ) ، والربع الثالث ـ خاتمة الزّمر. والرابع ما بقي من القرآن» هذا هو الحجاج بن يوسف الثقفي حجة العلمانيين في شبهتهم ، ولا بينة واحدة لهم على انحرافه عن جادة الشريعة الإسلامية في التطبيق لأحكامها وتعاليمها. وهو أظلم الحكام المسلمين ينصفه العلماء والمفسرون المسلمون ، فيضعون حكمه بين أعدل التطبيقات ؛ ويصنفون تطبيقه للإسلام ـ وهم يقرون بظلمه السياسي ـ من بين أحرص الحكام المسلمين على تطبيق شريعة الإسلام. وهذا هو مستند العلمانيين في انحراف الحكام المسلمين ؛ وهو بانحرافه لم يخرج أبدا عن حكم الإسلام ، إفسادا أو تحريفا ، أو إلغاء ، أو تشويها. فسقطت بذلك شبهة العلمانيين ، وبالنسبة لمستندهم في الظلم. فما بالك ، وأنّى تستقيم إذا تعلق الأمر بالعادلين من الحكام المسلمين ، وهم كثير ، وما أكثرهم. وإسقاطا