بفضائله وأخلاقه ؛ فتسودهم روح الإخاء والمودة في العلم ، وحب الخير ، والتعاون والإحسان ، وإسداء المشورة ، والنصح في الله ، ولله يعايشون الناس ، ويشاركونهم همومهم ومشاكلهم ، وأحزانهم وأفراحهم ، ويتدارسون معهم مشاكلهم الحياتية ، والدينية. فكيف يوصف هؤلاء أو من أوتي منهم مثل هذه الفضائل بالجهالة ، ونقص الوعي؟!! تلك الجهالة أحرى أن تتصف بها جماهير الأحزاب ، والحركات العلمانية في كثير من البلدان الاشتراكية والرأسمالية المتقدمة منها ، والمتخلفة. والأخرى أن يتهم بنقص الوعي جماهير اللامبدأ ، جماهير المصالح والمنافع ، جماهير العلمانية الدنيوية ، لا جماهير الدينية الروحية ، المبدئية الإسلامية.
٤ ـ إنّ علمانية دكتور فؤاد زكريا تتناقض مع نفسها. فهو يهاجم جماهير المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية ، ويتهمها بالعقم ؛ ثم يعترف بإنجازاتها. فهو يقول في رده على دكتور حسن حنفي : «وتبقى بعد هذا كله نقطة جوهرية ينبغي أن نلتمس فيها العذر لأي كاتب يتعاطف مع هذه الاتجاهات ؛ ذلك لأنّ الشباب المنتمي إلى هذه الجماعات المتطرفة هو وحده الذي استطاع أن ينجز شيئا بغض النظر عن دوافعه في هذا الإنجاز. وهو الذي تمكن من إزالة الجمود الذي بدا ، وكأنه استقرّ ، وسوف يستمر سنوات طويلة ؛ وهو الذي ألقى في البركة الآسنة حجرا ضخما حرك مياهها ، وأحدث فيها دوامات قد تتحول يوما إلى أمواج وعواصف عاتية. وفي مقابل ذلك ، فإن التقدميين ، والديمقراطيين ، والعلمانيين لم يكن لهم دور في هذا التحريك المفاجئ للأحداث ، بل كان يبدو في الوقت الذي حدثت المفاجأة ، أنّهم وصلوا إلى طريق مسدود لا مخرج منه» (١).
سادسا : إنّ أصحاب هذه الشبهة من العلمانيين ، يجانبون الصواب ، ويجافون الحقيقة عند ما يدّعون أن تطبيق الإسلام يتعارض مع واقع تعدد
__________________
(١) د. يوسف القرضاوي ـ الإسلام والعلمانية. ص ٩٢.