الإسلام عن التطبيق. فلا الديانات الأخرى حلت مشاكلهم ؛ ولا العلمانية الكافرة منعت الاقتتال بينهم ؛ ولا الاشتراكية أو الرأسمالية ضبطت التعصب الديني عندهم. وإنّي لأنعي على فيلسوف العلمانية في مصر فؤاد زكريا كيف لم يع هذه التجربة التاريخية لحكم الإسلام في مصر ، وكيف عاش المسلمون مع الأقباط النصارى على خير وئام ، وطيلة قرون عديدة. وكيف دبّ الخلاف بينهم في هذا القرن في غياب التطبيق للشريعة الإسلامية ؛ وعند ما أخذت نظم الحكم في مصر بالعلمانية ، وساهمت في أحداث الفتن بين طوائف المجتمع المصري من مسلمين وأقباط. والأنكى من ذلك أن يفاخر أصحاب هذه النظم بفصل الدين عن الدولة ، وتطبيق العلمانية. ففي ندوة عقدت في إسرائيل في ١٩ ـ ١٢ ـ ١٩٨٠ م قال دكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر للإسرائيليين مفتخرا بعلمانيته : «أودّ أن أطمئنكم أننا في مصر نفرق بين الدين ، والقومية ، ولا نقبل أبدا أن تكون قيادتنا السياسية مرتكزة إلى معتقداتنا الدينية».
فيقول : وهو بذلك يكرس سياسة سيده فرعون مصر أنور السادات حيث أشعلت علمانية حكمه أقذر أنواع الصدامات الدموية بين المسلمين والأقباط في مصر ، والتي انطلقت من حي الزاوية الحمراء في تلك الفترة والتي راح ضحيتها العديد من الطرفين.
ونقول : وما أن انتهى مصطفى خليل من كلامه حتى وقف البروفسور اليهودي «دافيد» يرد عليه مهينا له قائلا : إنّكم أيّها المصريون أحرار في أن تفصلوا بين الدين ، والسياسة ، ولكنني أحب أن أقول لكم : «إننا في إسرائيل نرفض أن نقول : إنّ اليهودية مجرد دين فقط. بل إننا نؤكد لكم أن اليهودية هي دين ، وشعب ، ووطن». ثم قال البروفسور اليهودي «تفي يافوت» : أود أن أقول للدكتور مصطفى خليل : إنّه يكون على خطأ كبير إذا أصر على التفريق بين الدين ، والقومية. وإننا نرفض أن يعتبرنا الدكتور خليل مجرد أصحاب دين لا قومية له. فنحن نعتبر اليهودية ديننا ، وشعبنا ، ووطننا. وأحب أن أذكر الدكتور خليل بأنّ الشرق