الأحوال كان ينزل القرآن المدني ينظم علاقة الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، والمسلمين الصحابة معهم. فكان لا بدّ من ذكرهم ، وكان لا بدّ من مخاطبتهم لعلّهم يرعووا ، ودون أي تأثير منهم. فكان القرآن المدني ذاكرا لهم لا متأثرا بوسطهم كما أراد المبطلون ، والمرجفون ، والمستهزءون. وصدق فيهم قول ربّنا (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) سورة الحجر آية ١١. وصدق فيهم قول ربنا (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) آية ٨. وصدق فيهم قول ربنا (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) سورة البينة آية ٦.
الشبهة الثامنة :
إن القرآن المكي خلا من الأدلة ، والبراهين ، والحجج بخلاف المدني ؛ فقد جاء مليئا بمثلها. وهذا يعني أن القرآن قد تأثر بالوسط الذي كان فيه محمد «صلىاللهعليهوآلهوسلم».
تفنيد هذه الشبهة :
إنّ هذه الفرية لا أساس لها من الصحة. وكلامنا ليس على عواهنه ، وأدلتنا كثيرة ، وعلى أن القرآن المكي عامر ، وحافل بأقوى الأدلة ، والبراهين والحجج المتعلقة بالعقيدة ، وعلى الأخص في الإلهيات ، والايمان والسمعيات ، والنبوات.
أ ـ فبالنسبة للإلهيات :
ففي سورة المؤمنون ، وهي مكية يقيم الدليل على كذبهم ، وأن من الاستحالة أن يكون للإله شريك ، أو أن يكون لهذا الكون أكثر من خالق ، وإلا لدب الخلاف بينهم ، واقتسموا ملكهم.
قال تعالى : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما