وأن يقارب إلى صفة الإمام الطبراني بوصفه محدّثا ، ولكن هذا لا يمنع أن ينحى الإمام الطبراني منهجا في التفسير مغايرا لمنهج المحدثين ، سيما أنه كتب على أسلوب المحدّثين أكثر من تفسير كما تقدم ذكره ، فلا ضير أن يسلك منهج علماء التفسير مؤسسا تفسيره الكبير على أصول منهجهم ، وسيما أن الباحث أشار إلى ذلك فقال : (وإن كان المصنف يعتمد منهج التفسير بالمأثور). وعلى هذا فليس هذا الملحظ بحجّة في التشكيك في نسبة المخطوط للإمام الطبراني.
ثانيا : ربما مما يدخل به على ملاحظته أن أسقط الناسخ أو غيره الأسانيد للأحاديث والآثار ، اختصارا أو تخفيفا من الناسخ أو ممن أراد الكتاب على هذا الوجه وطلبه من الناسخ ، هذا إذا أراد الباحث بمنهج المحدثين ذكر السند ، وسيما أن الناسخ يشير إلى أن هذه المخطوطة نسخت بناء على طلب أحدهم ، حيث جعل نسخته «للشيخ الفاضل قاضي القضاة» ولم يسمّه. ولهذا السبب أو ذاك يدرك أنه لا تكفي هذه الملاحظة لتوجيه نسبة المخطوط إلى غير الإمام الطبراني.
ثالثا : يلاحظ أنّ منهج العلوم الشرعية بحسب أصولها ثلاثة : منهج الفقهاء ، ومنهج المحدثين ، ومنهج المفسرين ، وقد يحصل تأثر للفقيه أو المفسّر أو المحدّث ، ويتداخل عند البحث الفقهي ويتواصل مع الحديث أو التفسير ، ولكن هذا لا يعني عدم إمكان الفقيه بالاستقلال في منهج النظر في الموضوع بحسب أصوله في العلم الشرعي تفسيرا أو حديثا أو فقها. فمثلا : نجد الإمام ابن حجر في شرح صحيح البخاري يسلك منهجا فكريا فقهيا على غير منهجه في كتبه الأخرى الحديثية والتراجم. فإمكان إفراد المؤلف في كتبه بمنهج يتفق والعلم الشرعي في الموضوع المعين حسب أصوله وارد وممكن ، والوقوف على محاولة إلزام كل إمام أو شيخ بمنهج واحد في تقديرنا نوع من التمحك يضيق واسعا.
الوجه الثاني : من حيثية ذكر الناسخ لأسماء بعض العلماء :
أشار الباحث إلى أن في الكتاب نقولات عن علماء بعد زمن الإمام الطبراني ، فقال : (كما أن في هذا الكتاب نقولا عن علماء مفسرين كانوا بعد عصر الطبراني : مثل أبي إسحق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي المتوفى سنة ٤٢٧ ه).