فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) قال : هو المسجد إذا دخلته فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» (١) رواه الحاكم في «المستدرك» وقال : صحيح على شرط الشيخين ، يعني البخاريّ ومسلما ، انتهى ، وهذا هو الصحيح عن ابن عباس ، وفهم النوويّ أنّ الآية في البيوت المسكونة ، قال : ففي الترمذيّ عن أنس قال : قال لي النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «يا بنيّ ، إذا دخلت على أهلك ، فسلّم ، يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك» (٢) قال الترمذيّ : حديث حسن صحيح ، وفي أبي داود عن أبي أمامة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاثة كلّهم ضامن على الله عزوجل : [رجل خرج غازيا في سبيل الله عزوجل] (٣) فهو ضامن على الله تعالى حتّى يتوفّاه فيدخله الجنّة أو يردّه بما نال من أجر أو غنيمة ، ورجل راح إلى المسجد ؛ فهو ضامن على الله تعالى حتّى يتوفّاه فيدخله الجنّة أو يردّه بما نال من أجر وغنيمة ؛ ورجل دخل بيته بسلام ؛ فهو ضامن على الله تعالى» (٤) ، حديث حسن رواه أبو داود بإسناد حسن ، ورواه آخرون ، والضمان : الرعاية للشيء ، والمعنى : أنّه في رعاية الله عزوجل ، انتهى. وقوله تعالى : (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً) وصفها تعالى بالبركة ؛ لأنّ فيها الدعاء واستجلاب مودّة المسلم عليه.
قلت : وقد ذكرنا في سورة النساء : ما ورد في المصافحة من رواية ابن السنّيّ قال النووي : وروّينا في «سنن» أبي داود والترمذيّ وابن ماجه عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلّا غفر لهما قبل أن يفترقا» (٥) انتهى. والكاف من قوله : (كَذلِكَ) : كاف تشبيه ؛ وذلك : إشارة إلى هذه السنن.
وقال أيضا بعض الناس في هذه الآية : أنّها منسوخة بآية الاستئذان المتقدمة.
قال ع (٦) : والنسخ لا يتصوّر في شيء من هذه الآيات ، بل هي محكمة ، أمّا
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٥٧) برقم (٢٦٢٤٦) ، وذكره البغوي (٣ / ٣٥٩) ، والسيوطي (٥ / ١٠٨) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، والبيهقي عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الترمذيّ (٥ / ٥٩) كتاب «الاستئذان» : باب ما جاء في التسليم إذا دخل بيته ، حديث (٢٦٩٨) من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أنس. وقال الترمذيّ : هذا حديث حسن غريب.
(٣) سقط في ج.
(٤) أخرجه أبو داود (٢ / ١٠) كتاب «الجهاد» : باب فضل الغزو في «البحر» ، حديث (٢٤٩٤) ، والحاكم (٢ / ٧٣) ، وابن حبان (٤١٦ ـ موارد) ، والبيهقي (٩ / ١٦٦) كتاب «السير» : باب فضل من مات في سبيل الله ، من حديث أبي أمامة وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي. وصححه أيضا ابن حبان.
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١٩٧)