و (وَقَعَ) عبارة عن الثبوت واللّزوم ، وفي الحديث : أن الدابة وطلوع الشمس من المغرب من أول الأشراط ، وهذه الدّابّة روي أنّها تخرج من الصفا بمكّة ؛ قاله ابن عمر (١) وغيره ، وقيل غير هذا.
وقرأ الجمهور (٢) : (تُكَلِّمُهُمْ) من الكلام. وقرأ ابن عباس (٣) وغيره : (تُكَلِّمُهُمْ) ـ بفتح التاء وتخفيف اللام ـ ، من الكلم وهو الجرح ، وسئل ابن عباس عن هذه الآية «تكلمهم أو تكلمهم»؟ فقال : كل ذلك ، والله تفعل : تكلّمهم وتكلمهم ، وروي أنها تمرّ على الناس فتسم الكافر في جبهته وتزبره وتشتمه وربما خطمته ، وتمسح على وجه المؤمن فتبيضه ، ويعرف بعد ذلك الإيمان والكفر من أثرها ، وفي الحديث : «تخرج الدّابّة ومعها خاتم سليمان وعصا موسى ، فتجلو وجوه المؤمنين بالعصا ؛ وتختم أنف الكافر بالخاتم ، حتّى إنّ النّاس ليجتمعون ، فيقول هذا : يا مؤمن ، ويقول هذا : يا كافر» (٤). رواه البزّار ، انتهى من «الكوكب الدّرّيّ».
وقرأ الجمهور : «إنّ النّاس» ـ بكسر «إن».
وقرأ حمزة (٥) والكسائيّ وعاصم : «أنّ» بفتحها.
وفي قراءة عبد الله (٦) : «تكلّمهم بأنّ» ، وعلى هذه القراءة ؛ فيكون قوله : (أَنَّ النَّاسَ) إلى آخرها من كلام الدابّة ، وروي ذلك عن ابن عبّاس. ويحتمل أن يكون من كلام الله تعالى.
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٤ / ٢٧٠) ، ولم يعزه لأحد.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٢٧١) ، و «البحر المحيط» (٧ / ٩١) ، و «الدر المصون» (٥ / ٣٢٧)
(٣) وقرأ بها سعيد بن جبير ، ومجاهد ، والجحدري ، وأبو زرعة ، وعمرو بن جرير.
ينظر : «مختصر الشواذ» ص ١١٢ ، و «المحتسب» (٢ / ١٤٤) ، و «المحرر الوجيز» (٤ / ٢٧١) ، و «البحر المحيط» (٧ / ٩٢) ، و «الدر المصون» (٥ / ٣٢٨)
(٤) وهم المؤلف في هذا الحديث ، حيث إنه عزا هذا الحديث للبزار ، وهو عند من هو أشهر من البزار ، فقد أخرجه الترمذيّ (٥ / ٣٤٠) كتاب التفسير : باب ومن سورة النحل ، حديث (٣١٨٧) ، وابن ماجه (٢ / ١٣٥١ ـ ١٣٥٢) كتاب الفتن : باب دابة الأرض ، حديث (٤٠٦٦) من حديث أبي هريرة.
وقال الترمذيّ : هذا حديث حسن غريب.
(٥) ينظر : «السبعة» (٤٨٦ ـ ٤٨٧) ، و «الحجة» (٥ / ٤٠٦) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ١٦٤) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٢٤٦) ، و «العنوان» (١٤٦) ، و «حجة القراءات» (٥٣٨) ، و «إتحاف» (٢ / ٣٣٥)
(٦) ينظر : «الشواذ» ص ١١٢ ، و «المحتسب» (٢ / ١٤٥) ، و «الكشاف» (٣ / ٣٨٥) ، و «المحرر الوجيز» (٤ / ٢٧١) ، و «البحر المحيط» (٧ / ٩٢) ، و «الدر المصون» (٥ / ٣٢٨)