لكلّ شيء وإن طالت سلامته |
|
إذا انتهى مدّه لا بدّ إقصار |
انتهى.
وقرأ حمزة (١) : «لنثوينهم من الجنة غرفا» : من أثوى يثوي بمعنى : أقام.
وقوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ ...) الآية : تحريض على الهجرة ؛ لأن بعض المؤمنين فكّر في الفقر والجوع الذي يلحقه في الهجرة ، وقالوا : غربة في بلد لا دار لنا فيه ولا عقار ، ولا من يطعم ، فمثل لهم بأكثر الدواب التي لا تتقوت ولا تدخر ، ثم قال تعالى : (اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ) فقوله : (لا تَحْمِلُ) يجوز أن يريد من الحمل ، أي : لا تنتقل ولا تنظر في ادخاره.
قاله مجاهد (٢) وغيره. (٣)
قال ع : والادّخار ليس من خلق الموقنين ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لابن عمر : «كيف بك إذا بقيت في حثالة من النّاس ؛ يخبّئون رزق سنة بضعف اليقين» (٤) ، ويجوز أن يريد من الحمالة ؛ أي : لا تتكفّل لنفسها.
قال الداوديّ : وعن علي بن الأقمر : (لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) أي : لا تدخر شيئا لغد ، انتهى. وفي الترمذيّ عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو أنّكم تتوكّلون على الله حقّ توكّله ، لرزقتم كما ترزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا» (٥). قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح. انتهى.
__________________
(١) ينظر : «السبعة» (٥٠٤) ، و «الحجة» (٥ / ٤٣٨) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ١٩٠) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٢٦١) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ١٢٩) ، و «العنوان» (١٥٠) ، و «حجة القراءات» (٥٥٤) ، و «شرح شعلة» (٥٣٨) ، و «إتحاف» (٢ / ٣٥٢)
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٥٨) رقم (٢٧٨٥٣) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٢٥)
(٣) ينظر : «المحرر» (٤ / ٣٢٥)
(٤) تقدم.
(٥) أخرجه الترمذيّ (٤ / ٥٧٣) كتاب الزهد : باب في التوكل على الله ، حديث (٢٣٤٤) ، وابن ماجه (٢ / ١٣٩٤) ، كتاب الزهد : باب التوكل واليقين ، حديث (٤١٦٤) ، وأحمد (١ / ٣٠) ، وأبو يعلى (١ / ٢١٢) ، رقم (٢٤٧) ، وابن حبان (٢ / ٥٠٩) رقم (٧٣٠) ، وابن المبارك في «الزهد» (ص : ١٩٦ ـ ١٩٧) رقم (٥٥٩) ، والحاكم (٤ / ٣١٨) ، وأبو نعيم (١٠ / ٦٩) ، والقضاعي في «مسند الشهاب» رقم (١٤٤٥) ، والبغوي في «شرح السنة» (٧ / ٣٢٨ ـ بتحقيقنا) كلهم من حديث عمر بن الخطاب. وقال الترمذيّ : هذا حديث حسن صحيح.