الهجرة عنها إلى بلد حق ؛ وقاله (١) مالك.
(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٦١) اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٢) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٦٣)
وقوله سبحانه : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) تحقير لأمر الدنيا ومخاوفها ، كأن بعض المؤمنين نظر في عاقبة تلحقه في خروجه من وطنه ؛ أنه يموت أو يجوع ونحو هذا ؛ فحقّر الله سبحانه شأن الدنيا ، أي وأنتم لا محالة ميتون ومحشرون إلينا ، فالبدار إلى طاعة الله والهجرة إليه أولى ما يمتثل. ذكر هشام بن عبد الله القرطبيّ في تاريخه المسمى ب «بهجة النفس» قال : بينما المنصور جالس في منزله في أعلى قصره ؛ إذ جاءه سهم عائر فسقط بين يديه ؛ فذعر المنصور منه ذعرا شديدا ، ثم أخذه فجعل يقلّبه ، فإذا مكتوب عليه بين الريشتين : [الوافر]
أتطمع في الحياة إلى التنادي |
|
وتحسب أنّ ما لك من معاد |
ستسأل عن ذنوبك والخطايا |
|
وتسأل بعد ذاك عن العباد |
ومن الجانب الآخر : [البسيط]
أحسنت ظنّك بالأيّام إذ حسنت |
|
ولم تخف سوء ما يأتي به القدر |
وساعدتك اللّيالي فاغتررت بها |
|
وعند صفو اللّيالي يحدث الكدر |
وفي الآخر : [البسيط]
هي المقادير تجري في أعنّتها |
|
فاصبر فليس لها صبر على حال |
يوما تريك خسيس القوم ترفعه |
|
إلى السماء ويوما تخفض العالي |
ثم قرأ على الجانب الآخر من السهم : [البسيط]
من يصحب الدّهر لا يأمن تصرّفه |
|
يوما فللدّهر إحلاء وإمرار |
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٤ / ٣٢٤)