وقرأ الجمهور : «للعالمين» ـ بفتح اللام ـ يعني : جميع العالم. وقرأ حفص (١) عن عاصم ـ بكسرها ـ على معنى : أنّ أهل الانتفاع بالنظر فيها إنما هم أهل العلم ، وباقي الآية اطلبه في محالّه ؛ تجده إن شاء الله مبينا ، وهذا شأننا الإحالة في هذا المختصر ؛ على ما تقدم بيانه ، فاعلمه راشدا.
ت : وهذه الآيات والعبر إنما يعظم موقعها في قلوب العارفين بالله سبحانه ، ومن أكثر التفكّر في عجائب صنع الله تعالى حصلت له المعرفة بالله سبحانه.
قال الغزّاليّ في «الإحياء» : وبحر المعرفة لا ساحل له ؛ والإحاطة بكنه جلال الله محال ، وكلما كثرت المعرفة بالله تعالى وصفاته وأفعاله وأسرار مملكته وقويت ـ كثر النعيم في الآخرة ؛ وعظم ، كما أنه كلما كثر البذر وحسن ـ كثر الزرع وحسن.
وقال أيضا في كتاب «شرح عجائب القلب» من «الإحياء» : وتكون سعة ملك العبد في الجنة ؛ بحسب سعة معرفته بالله ، وبحسب ما يتجلّى له من عظمة الله ـ سبحانه ـ ، وصفاته ، وأفعاله ، انتهى.
وقوله تعالى : (أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) معناه : تثبت ، كقوله تعالى : (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) [البقرة : ٢٠].
وهذا كثير ، والدعوة من الأرض : هي البعث ليوم القيامة ، قال مكي : والأحسن عند أهل النظر أنّ الوقف في هذه الآية يكون في آخرها ، (تُخْرَجُونَ) ؛ لأن مذهب سيبويه والخليل في «إذا» الثانية : أنها جواب / الأولى ، كأنه قال : ثم إذا دعاكم خرجتم ؛ وهذا ٦٦ أأسدّ الأقوال.
وقال ص : (إِذا أَنْتُمْ) ، «إذا» : للمفاجأة ، وهل هي ظرف مكان أو ظرف زمان؟ خلاف ، و (مِنَ الْأَرْضِ) علّقه الحوفيّ ب «دعا» ، وأجاز ع (٢) : أن يتعلق ب «دعوة» انتهى.
وقرأ حمزة (٣) والكسائيّ : «تخرجون» ـ بفتح التاء ، والباقون بضمها ـ ، والقنوت هنا
__________________
(١) ينظر : «الحجة» (٥ / ٤٤٤) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ١٩٤) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٢٦٤) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ١٣٢) ، و «العنوان» (١٥١) ، و «حجة القراءات» (٥٥٧) ، و «شرح شعلة» (٥٤٠) ، و «إتحاف» (٢ / ٣٥٦)
(٢) ينظر : «المحرر» (٤ / ٣٣٤)
(٣) وحجتهما قوله تعالى : (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) [القمر : الآية ٧] ، وقوله : (إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) [يس : ٥١]. وحجة الباقين قوله سبحانه : (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا) [يس : الآية ٥٢].