بمعنى الخضوع ، والانقياد في طاعته سبحانه. وإعادة الخلق : هو بعثهم من القبور.
وقوله تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) قال ابن عباس وغيره : المعنى : وهو هين (١) عليه ، وفي مصحف ابن مسعود (٢) «وهو هين عليه» ، وفي بعض المصاحف «وكل هين عليه».
وقال ابن عباس أيضا وغيره : المعنى : وهو أيسر (٣) عليه ، قال : ولكن هذا التفضيل إنّما هو بحسب معتقد البشر ؛ وما يعطيهم النظر في الشاهد من أن الإعادة في كثير من الأشياء أهون علينا من البدأة. ولما جاء بلفظ فيه استعارة ، وتشبيه (٤) بما يعهده الناس من أنفسهم خلص جانب العظمة ؛ بأن جعل له المثل الأعلى الذي لا يلحقه تكييف ولا تماثل مع شيء. ثم بين تعالى أمر الأصنام وفساد معتقد من يشركها بالله ـ بضربه هذا المثل ـ ؛ وهو قوله : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ ...) الآية ، ومعناه : أنكم أيها الناس إذا كان لكم عبيد تملكونهم ؛ فإنكم لا تشركونهم في أموالكم ؛ ومهمّ أموركم ، ولا في شيء على جهة استواء المنزلة. وليس من شأنكم أن تخافوهم في أن يرثوا أموالكم ، أو يقاسموكم إياها في حياتكم ، كما يفعل بعضكم ببعض ؛ فإذا كان هذا فيكم ، فكيف تقولون : إن من عبيده وملكه شركاء في سلطانه وألوهيته ؛ هذا تفسير ابن عباس (٥) والجماعة.
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (٣٢)
__________________
ـ ينظر : «حجة القراءات» (٥٥٧) ، و «السبعة» (٥٠٦) ، و «الحجة» (٥ / ٤٤٥) ، و «إعراب القراءات» ، (٢ / ١٩٥) ، و «العنوان» (١٥١) ، و «حجة القراءات» (٥٥٧) ، و «إتحاف» (٢ / ٣٥٦)
(١) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٧٩) رقم (٢٧٩٣٩) ، وذكره البغوي (٣ / ٤٨١) ، وابن عطية (٤ / ٣٣٥) ، وابن كثير (٣ / ٤٣١) ، والسيوطي (٥ / ٢٩٨) ، وعزاه لابن الأنباري عن ابن عباس.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٣٣٥) ، و «البحر المحيط» (٧ / ١٦٥)
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٧٩) رقم (٢٧٩٤٠) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٣٥) ، وابن كثير (٣ / ٤٣٠) ، والسيوطي (٥ / ٢٩٧) بنحوه ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٤) في ج : التشبيه.
(٥) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٨١) رقم (٢٧٩٤٩) بنحوه ، وذكره البغوي ، (٣ / ٤٨٢) ، وابن عطية (٤ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦) ، والسيوطي (٥ / ٢٩٨) ، بنحوه ، وعزاه لابن جرير عن ابن عباس.