أنّ الله تعالى يقول يوم القيامة : أين الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان ؛ أدخلوهم في أرض المسك ، ثم يقول الله تعالى للملائكة : أسمعوهم ثنائي وحمدي ؛ وأخبروهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. انتهى.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠) هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١١)
وقوله عزوجل : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) الوقر في الأذن : الثقل الذي يعسر معه إدراك المسموعات ، و «الرواسي» : هي الجبال و «الميد» : التحرك يمنة ويسرة ، وما قرب من ذلك ، والزوج : النوع والصنف. و (كَرِيمٍ) : مدحه بكرم جوهره ، وحسن منظره ، وغير ذلك. ثم وقف تعالى الكفرة على جهة التوبيخ فقال : (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ).
(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢) وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (١٣)
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) اختلف في لقمان ؛ هل هو نبيّ أو رجل صالح فقط ، وقال ابن عمر : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «لم يكن لقمان نبيّا ؛ ولكن كان عبدا كثير التفكير ، حسن اليقين ، أحبّ الله فأحبّه ، فمنّ عليه بالحكمة وخيّره في أن يجعله خليفة ؛ يحكم بالحقّ ، فقال : ربّ إن خيّرتني ، قبلت العافية ، وتركت البلاء ، وإن عزمت عليّ ، فسمعا وطاعة ، فإنّك ستعصمني ، وكان قاضيا في بني إسرائيل نوبيّا أسود ، مشقق الرجلين ، ذا (١) مشافر» ، قاله سعيد بن المسيّب (٢) وابن عباس (٣) وجماعة : وقال له رجل
__________________
(١) المشفر والمشفر للبعير : كالشفة للإنسان ، وقد يقال للإنسان مشافر على الاستعارة. قال أبو عبيد : إنما قيل : مشافر الحبش تشبيها بمشافر الإبل.
ينظر : «لسان العرب» ٢٢٨٧ ، ٢٢٨٨.
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢٠٨) رقم (٢٨٠٨٦) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٤٧) ، وابن كثير (٣ / ٤٤٣) ، والسيوطي (٥ / ٣١٠) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب.
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢٠٨) رقم (٢٨٠٨٥) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٤٧) ، وابن كثير (٣ / ٤٤٣) ، والسيوطي (٥ / ٣١١) بنحوه ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن المنذر عن ابن عباس.