قال عيّاض : كان أبو إسحاق الجبنياني قلّ ما يترك ثلاث كلمات ؛ وفيهن الخير كلّه : اتّبع ولا تبتدع ، اتّضع ولا ترتفع ، من ورع لا يتّسع ، انتهى. وغضّ الصوت أوقر للمتكلم وأبسط لنفس السامع وفهمه ، ثم عارض ممثلا بصوت الحمير على جهة التشبيه ، أي : تلك هي التي بعدت عن الغض فهي أنكر الأصوات ، فكذلك ما بعد عن الغضّ من أصوات البشر ؛ فهو في طريق تلك ، وفي الحديث : «إذا سمعتم نهيق الحمير ، فتعوّذوا بالله من الشيطان ؛ فإنّها رأت شيطانا».
وقال سفيان الثوري : صياح كل شيء تسبيح إلا صياح الحمير.
ت : ولفظ الحديث عن أبي هريرة قال : رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا سمعتم صياح الدّيكة فاسألوا الله من فضله ، فإنّها رأت ملكا ، وإذا سمعتم نهيق الحمار ، فتعوّذوا بالله من الشيطان ؛ فإنّه رأى شيطانا» (١) ، رواه الجماعة إلا ابن ماجه. وفي لفظ النسائي : «إذا سمعتم الدّيكة تصيح باللّيل» ، وعن جابر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير من اللّيل ، فتعوّذوا بالله من الشيطان الرجيم ؛ فإنّها ترى ما لا ترون ، وأقلّوا الخروج إذا جدّت ؛ فإنّ الله يبثّ في ليله من خلقه ما يشاء» (٢). رواه أبو داود والنسائي والحاكم في «المستدرك». واللفظ له ، وقال : صحيح على شرط مسلم ؛ انتهى من «السلاح».
وقوله تعالى : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً).
قال المحاسبيّ ـ رحمهالله ـ الظاهرة : نعم الدنيا ، والباطنة : نعم العقبى. والظاهر عندي التعميم. ثم وقف تعالى الكفرة على اتّباعهم دين آبائهم أيكون وهم بحال من يصير
__________________
(١) أخرجه البخاري (٦ / ٤٠٣) كتاب بدء الخلق : باب وبث فيها من كل دابة ، حديث (٣٣٠٣) ، ومسلم (٤ / ٢٠٩٢) كتاب الذكر والدعاء : باب استحباب الدعاء عند صياح الديك ، حديث (٨٢ / ٢٧٢٩) ، وأبو داود (٢ / ٧٤٨) كتاب الأدب : باب ما جاء في الديك والبهائم ، حديث (٥١٠٢) ، والترمذيّ (٥ / ٥٠٨) كتاب الدعوات : باب ما يقول إذا سمع نهيق الحمار ، حديث (٣٤٥٩) ، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» رقم (٩٤٣ ، ٩٤٤) ، وأحمد (٢ / ٣٢١) ، وابن أبي شيبة (١٠ / ٤٢٠) ، وابن حبان (٣ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦) رقم (١٠٠٥) ، والبغوي في «شرح السنة» (٣ / ١٢٦ ـ بتحقيقنا) كلهم من طريق الأعرج عن أبي هريرة به.
وقال الترمذيّ : هذا حديث حسن صحيح.
(٢) أخرجه أبو داود (٢ / ٧٤٨ ـ ٧٤٩) كتاب الأدب : باب نهيق الحمار ونباح الكلاب ، حديث (٥١٠٣) ، وأحمد (٣ / ٣٠٦) ، والحاكم (٤ / ٢٨٤) ، والبخاري في «الأدب المفرد» (١٢٣٤) ، وأبو يعلى (٤ / ١٥٥) رقم (٢٢٢١) ، وابن حبان (١٩٩٦ ـ موارد) ، وابن خزيمة (٢٥٥٩) من حديث جابر.