وقوله تعالى : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ).
قال سفيان بن عيينة : من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى ، ومن دعا لوالديه في إدبار الصلوات فقد شكرهما.
وقوله سبحانه : (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ...) الآية روي أنّ هاتين الآيتين نزلتا في شأن سعد بن أبي وقاص وأمه حمنة بنت أبي سفيان ، على ما تقدم بيانه ، وجملة هذا الباب ؛ أن طاعة الأبوين لا تراعى في ركوب كبيرة ، ولا في ترك فريضة على الأعيان ، وتلزم طاعتهما في المباحات وتستحسن في ترك الطاعات الندب.
وقوله سبحانه : (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) وصية لجميع العالم. وهذه سبيل الأنبياء والصالحين.
وقوله تعالى ـ حاكيا عن لقمان (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ ...) الآية : ذكر كثير من المفسرين : إنه أراد مثقال حبة من أعمال المعاصي والطاعات ، وبهذا المعنى يتحصل في الموعظة ترجية وتخويف منضاف إلى تبيين قدرة الله تعالى.
وقوله : (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ) يقتضي حضا على تغيير المنكر وإن نال ضررا ، فهو إشعار بأن المغيّر يؤذى أحيانا.
وقوله : (إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) يحتمل أن يريد مما عزمه الله وأمر به ، قاله ابن جريج (١) : ويحتمل أن يريد أنّ ذلك من مكارم الأخلاق ، وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة ؛ قاله جماعة. والصعر : الميل ، فمعنى الآية : ولا تمل خدّك للناس كبرا عليهم وإعجابا واحتقارا لهم ؛ قاله ابن عباس (٢) وجماعة. وعبارة البخاري : ولا تصاعر ، أي : لا تعرض ، والتصاعر : الإعراض بالوجه ؛ انتهى. والمرح : النّشاط ، والمشي مرحا : هو في غير شغل ، ولغير حاجة ، وأهل هذه الخلق ملازمون للفخر والخيلاء ، فالمرح مختال في مشيه ، وقد ورد من صحيح الأحاديث في جميع ذلك وعيد شديد يطول بنا سرده.
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢١٤) رقم (٢٨١٠٨) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٥١) ، والسيوطي (٥ / ٣٢٠) بنحوه ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر عن ابن جريج.
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢١٤ ـ ٢١٥) رقم (٢٨١٠٩) ، (٢٨١١٠) بنحوه ، وذكره البغوي (٣ / ٤٩٢) ، وابن عطية (٤ / ٣٥١) ، والسيوطي (٥ / ٣٢٠) بنحوه ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.