وقوله تعالى : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) أي : لأنه كله ب «كن فيكون» ، قاله مجاهد (١).
وقوله تعالى : (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) يريد : القيامة.
وقوله : (بِنِعْمَتِ اللهِ) يحتمل أن يريد ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق والتجارات ، فالباء : للإلزاق ، ويحتمل أن يريد بالريح وتسخير الله البحر ونحو هذا ، فالباء باء السبب. وذكر تعالى من صفات المؤمن الصبّار والشكور ؛ لأنهما عظم أخلاقه ، الصبر على الطاعات وعلى النوائب ، وعن الشهوات ، والشكر على الضراء والسراء. وقال الشعبي : الصبر نصف الإيمان ؛ والشكر نصفه الآخر ، واليقين الإيمان (٢) كله. و «غشي» غطّى أو قارب ، والظلل : السحاب.
وقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ).
قال الحسن : منهم مؤمن (٣) يعرف حق الله في هذه النعم ، والختّار القبيح (٤) الغدر ، وذلك أن منن الله على العباد كأنها عهود ومنن يلزم عنها أداء شكرها ، والعبادة لمسديها ، فمن كفر ذلك وجحد به ، فكأنه ختر وخان ، قال الحسن : الختار هو الغدار (٥). و (كَفُورٍ) : بناء مبالغة.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٣٣) إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (٣٤)
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ ...) الآية يجزي معناه يقضي ، والمعنى : لا ينفعه بشيء ، وقرأ الجمهور : «الغرور» (٦) : ـ بفتح
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢٢٢) رقم (٢٨١٥١) ، وذكره السيوطي (٥ / ٣٢٤) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن جرير وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢٢٣) رقم (٢٨١٥٧) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٥٥)
(٣) في ج : من.
(٤) ذكره ابن عطية (٤ / ٣٥٥)
(٥) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥) رقم (٢٨١٦٢) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٥٦)
(٦) ينظر : «البحر المحيط» (٧ / ١٨٩) ، و «الدر المصون» (٥ / ٣٩٢)