عائشة ، فاخترن الله ورسوله ـ رضي (١) الله عنهن.
قالت فرقة قوله : (بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) يعمّ جميع المعاصي ولزمهنّ رضي الله عنهنّ بحسب مكانتهنّ ، أكثر ممّا يلزم غيرهن ، فضوعف لهنّ الأجر والعذاب.
وقوله : (ضِعْفَيْنِ) معناه : يكون العذاب عذابين ، أي : يضاف إلى عذاب سائر النّاس عذاب آخر مثله ، و (يَقْنُتْ) : معناه : يطيع ويخضع بالعبوديّة ؛ قاله الشعبي (٢) وقتادة (٣). والرزق الكريم : الجنة. ثم خاطبهنّ الله سبحانه بأنّهنّ لسن كأحد من نساء عصرهنّ ؛ فما بعد ، بل هنّ أفضل بشرط التقوى ، وإنما خصصنا النساء لأن فيمن تقدم آسية ومريم فتأمله ؛ وقد أشار إلى هذا قتادة. ثم نهاهنّ سبحانه عما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال برخيم القول ؛ و (فَلا تَخْضَعْنَ) معناه : لا تلنّ.
قال ابن زيد : خضع القول ما يدخل في القلوب الغزل (٤) ؛ والمرض في هذه الآية قال قتادة : هو النفاق (٥).
وقال عكرمة : الفسق (٦) والغزل ، والقول المعروف هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس. وقرأ الجمهور : «وقرن» ـ بكسر القاف ـ ، وقرأ نافع وعاصم : «وقرن» ـ بالفتح (٧) ـ ، فأما الأولى فيصح أن تكون من الوقار ، ويصحّ أن تكون من القرار ، وأما قراءة الفتح فعلى لغة العرب قررت ـ بكسر الراء ـ أقر ـ بفتح القاف في المكان / ، وهي لغة ذكرها أبو عبيد في «الغريب» المصنف وذكرها الزجاج (٨) وغيره ، فأمر الله تعالى في هذه الآية نساء النّبي صلىاللهعليهوسلم بملازمة بيوتهن ، ونهاهنّ عن التبرج ؛
__________________
(١) أخرجه مسلم (٢ / ١١٠٤) ١٨ ـ كتاب الطلاق : ٤ ـ باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية ، حديث (٢٩ / ١٤٧٨) من حديث جابر.
(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ٣٨٢)
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢٩٢) رقم (٢٨٤٧١) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٨٢)
(٤) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢٩٣) رقم (٢٨٤٧٤) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٨٣)
(٥) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٢٩٣) رقم (٢٨٤٧٥) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٨٣)
(٦) ذكره ابن عطية (٤ / ٣٨٣)
(٧) ينظر : «السبعة» (٥٢٢) ، و «الحجة» (٥ / ٤٧٥) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ١٩٩) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٢٨٢) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ١٤٧) ، و «العنوان» (١٥٥) ، و «حجة القراءات» (٥٧٧) ، و «شرح شعلة» (٥٤٩) ، و «إتحاف» (٢ / ٣٧٥)
(٨) ينظر : «معاني القرآن» للزجاج (٤ / ٢٢٥)