الملك من فوق سبعة أرقعة» فأمر صلىاللهعليهوسلم برجالهم فضربت أعناقهم ، وفيهم (١) حييّ بن أخطب النّضيريّ ، وهو الّذي كان أدخلهم في الغدر ، و (ظاهَرُوهُمْ) : معناه : عاونوهم ، و «الصياصي» : الحصون ، واحدها صيصية وهي كل ما يتمنّع به ، ومنه يقال لقرون البقر : الصياصي ، والفريق المقتول : الرجال ، والفريق المأسور : العيال والذّرّيّة.
وقوله سبحانه : (وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) يريد بها : البلاد التي فتحت على المسلمين بعد كالعراق والشام واليمن وغيرها ، فوعد الله تعالى بها عند فتح حصون بني قريظة ، وأخبر أنه قد قضى بذلك. قاله عكرمة (٢).
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (٣١) يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٣٢) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٣٣) وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً) (٣٤)
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها ...) الآية ، ذكر جلّ المفسرين أن أزواج النّبي صلىاللهعليهوسلم سألنه شيئا من عرض الدنيا ، وآذينه بزيادة النفقة والغيرة ، فهجرهنّ وآلى ألّا يقربهن شهرا ، فنزلت هذه الآية ، فبدأ بعائشة ، وقال : «يا عائشة ، إنّي ذاكر لك أمرا ولا عليك ألّا تعجلي حتّى تستأمري أبويك ، ثمّ تلا عليها الآية ، فقالت له : وفي أيّ هذا استأمر (٣) أبويّ؟ فإنّي أريد الله ورسوله والدّار الآخرة ، قالت (٤) : وقد علم أن أبويّ لا يأمراني بفراقه ، ثمّ تتابع أزواج النّبيّ صلىاللهعليهوسلم على مثل قول
__________________
(١) أخرجه البخاري (٧ / ٤٧٥) كتاب المغازي : باب مرجع النبي صلىاللهعليهوسلم من غزوة الخندق ، حديث (٤١٢٢) ، ومسلم (٣ / ١٣٨٩) كتاب الجهاد : باب جواز قتال من نقض العهد ، حديث (٦٥ / ١٧٦٩)
(٢) ذكره البغوي (٣ / ٥٢٥) بنحوه ، وابن عطية (٤ / ٣٨٠) ، والسيوطي (٥ / ٣٦٩) ، وعزاه للفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي حاتم عن عكرمة.
(٣) كذا في ج ، وفي المطبوعة «أستمر».
(٤) في ج : ثم قالت.