معناه : تضمّ وتقرب ، ومعنى هذه الآية : أن الله تعالى فسح لنبيّه فيما يفعله في جهة النساء ، والضمير في (مِنْهُنَ) عائد على من تقدّم ذكره من الأصناف ؛ حسب الخلاف المذكور في ذلك ، وهذا الإرجاء والإيواء يحتمل معاني ؛ منها : أن المعنى في القسم ، أي : تقرّب من شئت في القسمة لها من نفسك وتؤخّر عنك من شئت وتكثر لمن شئت وتقلّ لمن شئت ، لا حرج عليك في ذلك ، فإذا علمن هنّ أنّ هذا هو حكم الله / لك ؛ رضين وقرّت أعينهن ؛ وهذا تأويل مجاهد وقتادة والضحاك (١).
قال ع (٢) : لأن سبب هذه الآية تغاير وقع بين زوجات النبي صلىاللهعليهوسلم تأذّى به.
وقال ابن عباس (٣) : المعنى في طلاق من شاء وإمساك من شاء.
وقال الحسن بن أبي الحسن (٤) : المعنى في تزوّج من شاء ؛ وترك من شاء.
قال ع (٥) : وعلى كلّ معنى فالآية معناها : التوسعة على النبي صلىاللهعليهوسلم والإباحة له وذهب هبة الله في «الناسخ والمنسوخ» له إلى أن قوله (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ ...) الآية ، ناسخ لقوله : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) [الأحزاب : ٥٢] الآية.
وقوله تعالى : (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ) يحتمل معاني : أحدها ؛ أن تكون «من» للتبعيض ، أي : من أردت ؛ وطلبته نفسك ممن كنت قد عزلته وأخّرته ؛ فلا جناح عليك في رده إلى نفسك وإيوائه إليك ، ووجه ثان ؛ وهو أن يكون مقوّيا ومؤكدا لقوله : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ) و «تؤوي من تشاء» فيقول بعد ومن ابتغيت ومن عزلت فذلك سواء ؛ لا جناح عليك في ردّه إلى نفسك وإيوائه إليك.
وقوله : (وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَ) أي من نفسك ، ومالك ، واتفقت الروايات على أنه ـ
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٣١٣) عن قتادة برقم (٢٨٥٦٦) ، وعن الضحاك برقم (٢٨٥٦٨) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٩٣) ، وابن كثير في تفسيره (٣ / ٥٠١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٣٩٧) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٢) ينظر : «المحرر» (٤ / ٣٩٣)
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٣١٣) ، رقم (٢٨٥٧٠) ، وذكره البغوي (٣ / ٥٣٨) ، وابن عطية (٤ / ٣٩٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٣٩٧) ، وعزاه لابن جرير ، وابن مردويه عن ابن عباس.
(٤) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٣١٤) رقم (٢٨٥٧١) بنحوه. وذكره البغوي (٣ / ٥٣٨) ، وابن عطية (٤ / ٣٩٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٣٩٧) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه بنحوه.
(٥) ينظر : «المحرر» (٤ / ٣٩٣)