قال الجمهور : سببها أن النّبي صلىاللهعليهوسلم لما تزوّج زينب بنت جحش ، أو لم عليها ؛ ودعا النّاس ، فلمّا طعموا ، قعد نفر في طائفة من البيت يتحدّثون ، فثقل على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم مكانهم ، فخرج ؛ ليخرجوا بخروجه ، ومرّ على حجر نسائه ، ثمّ عاد فوجدهم في مكانهم ، وزينب في البيت معهم ، فلمّا دخل وراءهم انصرف ، فخرجوا عند ذلك ، قال أنس بن مالك : فأعلم أو (١) أعلمته بانصرافهم ، فجاء ، فلمّا وصل الحجرة ، أرخى الستر بيني وبينه ؛ ودخل ، ونزلت آية الحجاب بسبب ذلك (٢).
قال إسماعيل بن أبي حكيم : هذا أدب أدّب الله به الثّقلاء ، وقالت عائشة وجماعة : سبب الحجاب : كلام عمر للنبي صلىاللهعليهوسلم مرارا في أن يحجب نساءه (٣) ، و (ناظِرِينَ) معناه : منتظرين ، و (إِناهُ) : مصدر «أنى» الشيء يأني أني ، إذا فرغ وحان ، ولفظ البخاري : يقال : إناه : إدراكه أنى يأنى إناءة ، انتهى.
وقوله تعالى : (وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) معناه : لا يقع منه ترك الحق ، ولما كان ذلك يقع من البشر لعلة الاستحياء ؛ نفى عنه تعالى العلة الموجبة لذلك في البشر ، وعن ثوبان ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاث لا يحلّ لأحد أن يفعلهنّ ؛ لا يؤمّ رجل قوما ؛ ٧٦ ب فيخصّ نفسه بالدّعاء دونهم ؛ فإن فعل ، فقد خانهم ، ولا ينظر في قعر بيت / ؛ قبل أن يستأذن ؛ فإن فعل ، فقد خان ، ولا يصلّي وهو حاقن حتّى يتخفّف» (٤). رواه أبو داود
__________________
(١) في ج : و.
(٢) أخرجه البخاري (٨ / ٣٨٧) كتاب التفسير : باب (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) ، حديث (٤٧٩١ ، ٤٧٩٢ ، ٤٧٩٣ ، ٤٧٩٤) ، وفي (٩ / ١٣٤) كتاب النكاح : باب الهدية للعروس ، حديث (٥١٦٣) ، وفي (٩ / ١٣٧ ـ ١٣٨) كتاب النكاح : باب الوليمة حق ، حديث (٥١٦٦) ، وفي (١١ / ٢٤) كتاب الاستئذان : باب آية الحجاب ، حديث (٦٢٣٨ ، ٦٢٣٩) ، ومسلم (٢ / ١٠٥٠ ـ ١٠٥٢) كتاب النكاح : باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب ، حديث (٩٣ ، ٩٤ / ١٤٢٨) ، والنسائي في «التفسير» (٤٤٠) ، والطبريّ في «تفسيره» (١٠ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤) رقم (٢٨٦٠٥ ـ ٢٨٦٠٨) ، والبيهقي (٧ / ٨٧) كتاب النكاح : باب سبب نزول آية الحجاب ، كلهم من حديث أنس.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٤٠١) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه.
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٣٢٦) (٢٨٦١٩) ، وذكره البغوي (٣ / ٥٤٠) ، وابن عطية (٤ / ٣٩٥) ، وابن كثير في «تفسيره» (٥٠٥١٣) بنحوه ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٤٠٣) ، وعزاه لابن جرير عن عائشة رضي الله عنها بنحوه.
(٤) أخرجه أبو داود (١ / ٧٠) كتاب الطهارة : باب أيصلي الرجل وهو حاقن ، حديث (٩٠) ، والترمذيّ (٢ / ١٨٩) كتاب الصلاة : باب ما جاء في كراهية أن يخص الإمام نفسه بالدعاء ، حديث (٣٥٧) ، وابن ماجه (١ / ٢٠٢) كتاب الطهارة : باب ما جاء في النهي للحاقن أن يصلي ، حديث (٦١٩) ، وأحمد (٥ / ٢٨٠) ـ