قلوبكم وأعمالكم» (١). انتهى.
واعلم أنّ المال الزائد على قدر الحاجة قلّ أن يسلم صاحبه من الآفات إلّا من عصمه الله تعالى ، (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) [الشورى : ٢٧].
وقد جاء في «صحيح البخاريّ» وغيره من رواية أبي ذرّ عن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «الأكثرون مالا هم الأقلّون يوم القيامة إلّا من قال بالمال هكذا وهكذا» (٢) ـ وأشار ابن شهاب بين يديه وعن يمينه وعن شماله ـ وقليل ما هم» ا ه. وروى ابن المبارك في «رقائقه» قال : أخبرنا حيوة بن شريح عن عقيل بن خالد عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الشيطان قال : لن ينجو منّي الغنيّ من إحدى ثلاث : إمّا أن أزيّن ماله في عينيه فيمنعه من حقّه ؛ وإمّا أن أسهّل له سبيله فينفقه في غير حقّه ؛ وإمّا أن أحبّبه فيكسبه بغير حقّه» (٣) ؛ انتهى. و «الزلفى» : مصدر بمعنى القرب.
وقوله : (إِلَّا مَنْ آمَنَ) استثناء منقطع ، وقرأ الجمهور : «جزاء (٤) الضعف» ، بالإضافة و (الضِّعْفِ) : هنا اسم جنس ، أي : بالتّضعيف ، إذ بعضهم يجازى إلى عشرة ، وبعضهم أكثر صاعدا إلى سبع مائة بحسب الأعمال ومشيئة الله فيها.
(وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (٣٨) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٣٩) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١) فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (٤٢) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا
__________________
(١) أخرجه مسلم (٤ / ١٩٨٧) كتاب البر والصلة : باب تحريم ظلم المسلم ، حديث (٣٤ / ٢٥٦٤) ، وابن ماجه (٢ / ١٣٨٨) كتاب الزهد : باب القناعة ، حديث (٤١٤٣) ، وأحمد (٢ / ٥٣٩) ، وفي «الزهد» (ص ٥٩) ، وابن حبان (٣٩٤) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٤ / ٩٨ ، ٧ / ١٢٤) ، والبغوي في «شرح السنة» (٧ / ٣٥٤ ـ بتحقيقنا) من حديث أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري (١١ / ٥٣٣) كتاب الأيمان والنذور : باب كيف كانت يمين رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حديث (٦٦٣٨)
(٣) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (ص ١٩٢ ـ ١٩٣) رقم (٥٤٧) ، والطبراني في «الكبير» كما في «المجمع» (١٠ / ٢٤٨) ، وقال الهيثمي : إسناده حسن.
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٤٢٢) ، و «البحر المحيط» (٧ / ٢٧٣) ، و «الدر المصون» (٥ / ٤٥٠)