وأسند عياض في «الشفا» (١) من طريق أبي ذرّ الهروي ، عن الربيع بن أنس قال : كان النبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا صلّى / ، قام على رجل ورفع الأخرى ، فأنزل الله ؛ (طه) يعني : طإ الأرض يا محمد ، (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) ولا خفاء بما في هذا كله من الإكرام له (صلىاللهعليهوسلم) وحسن المعاملة. انتهى.
[قال ص : (لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً) علّتان لقوله : (ما أَنْزَلْنا). انتهى] (٢).
وقد تقدم القول في مسألة الاستواء ، وباقي الآية بيّن.
قال ابن هشام : قوله تعالى : (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ) أي : فاعلم أنه غنيّ عن جهرك ؛ (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) ، فالجواب محذوف. انتهى.
(وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (١٠) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (١٤)
وقوله سبحانه : (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى * إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) هذا الاستفهام توقيف مضمنه : تنبيه النفس إلى استماع ما يورد عليها ، وهذا كما تبدأ الرجل إذا أردت إخباره بأمر غريب ؛ فتقول : أعلمت كذا ، وكذا ، ثم تبدأ تخبره.
وكان من قصّة موسى ـ عليهالسلام ـ أنه رحل من مدين بأهله بنت شعيب ـ عليهالسلام ـ وهو يريد أرض مصر ، وقد طالت مدّة جنايته هنالك ، فرجا خفاء أمره ، وكان فيما يزعمون رجلا غيورا ، فكان يسير الليل بأهله ، ولا يسير بالنهار مخافة كشفة (٣) الناس ، فضلّ عن طريقه في ليلة مظلمة ، فبينما هو كذلك ، وقد قدح بزنده ، فلم يور شيئا (إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا) ، أي : أقيموا ، وذهب هو إلى النار ، فإذا هي مضطرمة في شجرة خضراء يانعة ، قيل : كانت من عنّاب ، وقيل : من عوسج (٤) ، وقيل : من علّيق (٥) ، فكلّما
__________________
(١) في ب : عبارة من.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ج : كشف.
(٤) العوسج : شجر من شجر الشوك ، له ثمر مدوّر كأنه خرز العقيق. واحدته : عوسجة.
ينظر : «المعجم الوسيط» (٦٠٦)
(٥) في ج ، ب : عليقة.