(٥١) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (٥٢) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (٥٣) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) (٥٤)
وقوله تعالى : (فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ ...) الآية جملة ما دعي إليه فرعون الإيمان ، وإرسال بني إسرائيل ، وأما تعذيبه بني إسرائيل ، فبذبح أولادهم ، وتسخيرهم وإذلالهم.
وقولهما : (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) يحتمل أن يكون آخر كلام ؛ فيقوى أن يكون السلام بمعنى التحيّة ؛ كأنّهما رغبا بها عنه ، وجريا على العرف في التسليم عند الفراغ من القول.
ويحتمل أن يكون في درج القول ، فيكون خبرا بأن السلامة للمهتدين ، وبهذين المعنيين قالت كلّ فرقة من العلماء.
وقوله سبحانه : (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) قالت فرقة : المعنى أعطى كل موجود من مخلوقاته خلقته ، وصورته ، أي : أكمل ذلك له ، وأتقنه (ثُمَّ هَدى) ، أي : يسّر كلّ شيء لمنافعه ؛ وهذا أحسن ما قيل هنا ، وأشرف معنى وأعم في الموجودات.
وقول فرعون : (فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى) يحتمل أن يريد ما بال القرون الأولى لم تبعث لها ، ولم يوجد أمرك عندها؟ ويحتمل أن يريد فرعون قطع الكلام ، والرجوع إلى / سؤال موسى عن حالة من سلف من الأمم ؛ روغانا في الحجّة ، وحيدة.
وقيل : البال : الحال ، فكأنه سأله عن حالهم ، وقول موسى [عليهالسلام] : (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ) يريد في اللّوح المحفوظ ، و (لا يَضِلُ) : معناه لا ينتلف ويعمه ، «والأزواج» هنا : بمعنى الأنواع.
وقوله : (شَتَّى) نعت للأزواج ، أي : مختلفة.
وقوله (كُلُوا وَارْعَوْا) بمعنى هي صالحة للأكل والرعي ، فأخرج العبارة في صيغة الأمر ؛ لأنه أرجى الأفعال ، وأهزها للنفوس. و (النُّهى) جمع نهية ، والنّهية : العقل النّاهي عن القبائح.
(مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (٥٥) وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى (٥٦) قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (٥٨) قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ