وقرأ أبو عمرو وحده «فأجمعوا» من جمع ، أي : ضموا سحركم بعضه إلى بعض.
وقوله (صَفًّا) أي : مصطفين ، وتداعوا إلى هذا ؛ لأنه أهيب ، وأظهر لهم ، و (أَفْلَحَ) معناه : ظفر ببغيته ، وباقي الآية بيّن مما تقدم.
(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (٦٧) قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (٦٨) وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (٦٩) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١) قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى) (٧٣)
وقوله : (فَأَوْجَسَ) عبارة عما يعتري نفس الإنسان إذا وقع ظنّه في أمر على شيء يسوؤه ، وعبّر المفسرون عن أوجس بأضمر ؛ وهذه العبارة أعمّ من الوجيس بكثير.
(إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) أي الغالب ، وروي في قصص هذه الآية : أن فرعون (لعنه الله) جلس في علّية له طولها ثمانون ذراعا ، والناس تحته في بسيط ، وجاء سبعون ألف ساحر ، فألقوا من حبالهم وعصيّهم ما فيه وقر ثلاث مائة بعير ، فهال الأمر ، ثم إن موسى عليهالسلام ألقى عصاه من يده ، فاستحالت ثعبانا ، وجعلت تنمو حتّى روي أنها عبرت النهر بذنبها ، وقيل : البحر ، وفرعون في هذا كلّه يضحك ؛ ويرى أن الاستواء حاصل ، ثم أقبلت تأكل الحبال والعصيّ حتى أفنتها ، ثم فغرت فاها نحو فرعون ؛ ففزع عند ذلك ؛ واستغاث بموسى ، فمد موسى يده إليها ، فرجعت عصا كما كانت ، فنظر السحرة ، وعلموا الحقّ ، ورأوا عدم الحبال والعصيّ ؛ فأيقنوا أنّ الأمر من الله عزوجل فآمنوا رضي الله عنهم.
وقوله سبحانه : (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ).
قال ص : «في» على بابها ، وقيل : بمعنى على.
ت : والأول أصوب.
(وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا) قوله : أيّنا ؛ يريد نفسه ، وربّ موسى عليهالسلام.