قال ع (١) : وهذا كلّه مرويّ ، ويحتمل أن يكون : (لا تَرْكُضُوا) إلى آخر الآية. من كلام ملائكة العذاب على جهة الهزء بهم.
وقوله : (حَصِيداً) أي : بالعذاب كحصيد الزرع بالمنجل ، و (خامِدِينَ) أي : موتى مشبّهين بالنار إذا طفئت ، ثم وعظ سبحانه السامعين بقوله : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ).
(لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ (١٧) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٢٠)
وقوله سبحانه : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً) الآية : ظاهر الآية : الردّ على من قال من الكفّار في أمر مريم ـ عليهاالسلام ـ ، وما ضارعه من الكفر تعالى الله عن قول المبطلين و «إن» في قوله : (إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) يحتمل أن تكون شرطية ، ويحتمل أن تكون نافية بمعنى : ما كنّا فاعلين ، وكلّ هذا قد قيل ، و «الحقّ» عام في القرآن والرسالة والشرع ، وكلّ ما هو حقّ ، (فَيَدْمَغُهُ) معناه : يصيب دماغه ، وذلك مهلك في البشر ؛ فكذلك الحقّ يهلك الباطل ، و (الْوَيْلُ) : الخزي.
وقيل : هو اسم واد في جهنّم ، وأنه المراد في هذه الآية ، وهذه مخاطبة للكفّار الذين وصفوا الله عزوجل بما لا يجوز عليه تعالى الله عن قولهم.
وقوله : (وَمَنْ عِنْدَهُ ...) الآية : عند هنا ليست في المسافات ، وإنّما هي تشريف في المنزلة. (وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) أي : لا يكلّون ، والحسير من الإبل : المعيي.
وقوله : (لا يَفْتُرُونَ) وفي «الترمذي» عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّي أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطّت السماء وحقّ لها أن تئطّ ؛ ما فيها موضع أربع أصابع إلّا وملك واضع جبهته ساجدا لله» (٢) الحديث. قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح ، وفي الباب عن عائشة ، وابن عبّاس ، وأنس ، انتهى من أصل الترمذي ، أعني : «جامعه».
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٧٦)
(٢) تقدم تخريج حديث الأطيط.