٨ ـ وإلى الجار الجنب : وهو الذي بعد جواره ، أو من ليس له مع الجوار قرابة. أخرج البخاري (١) في «الأدب المفرد» عن عبد الله بن عمرو أنه ذبحت له شاة ، فجعل يقول لغلامه : أهديت لجارنا اليهودي ، أهديت لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه».
وأخرج الشيخان (٢) أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره».
وتحديد الجوار موكول إلى العرف ، والإحسان إلى الجار يكون من وجوه : منها مواساته إن كان فقيرا ، ومنها حسن العشرة ، وكف الأذى عنه ، والمحاماة دونه ممن يحاول ظلمه ، وقد عد بعض العلماء من حق الجوار الشفعة لمن بيعت دار إلى جنبه.
٩ ـ وإلى الصاحب بالجنب : وهو الرفيق في كل أمر حسن كالتعلم والسفر والصناعة ، وكمن جلس بجنبك في مسجد ، أو مجلس ، وغير ذلك.
وعن علي كرم الله وجهه : الصاحب بالجنب المرأة.
١٠ ـ وإلى ابن السبيل : وهو المنقطع عن ماله ، أو الضعيف ، ومعنى ابن السبيل صاحب الطريق ، كما يقال لطير الماء ابن ماء ، فالمسافر للزومه الطريق سمّي ابن السبيل ، والضيف كالمجتاز غير المقيم ، فسمّي ابن السبيل تشبيها بالمسافر.
١١ ـ وإلى ما ملكت أيماننا : قال قتادة : هم العبيد والإماء ، أخرج أحمد والبيهقي عن أنس قال : «كانت عامة وصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين حضره الموت الصلاة ، وما ملكت أيمانكم ، حتى جعل يغرغر بها في صدره ، وما يفيض بها لسانه» (٣).
وقال بعض العلماء : كلّ حيوان فهو مملوك ، والإحسان إلى الكل بما يليق به طاعة عظيمة.
١٢ ـ ونهانا عن الاختيال : فإنّ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً) معناه : أنه يكره المختال الفخور ، أي أنه يعاقبه على خيلائه وفخره ، والمختال : ذو الخيلاء والكبر ، قال الزجاج : إنما ذكر الاختيال هاهنا لأن المختال
__________________
(١) انظر الأدب المفرد للإمام البخاري ، صفحة (٥٠) ، باب يبدأ بالجار حديث رقم (١٠٥) ، وأبو داود في السنن (٤ / ٣٧٧) ، كتاب الأدب ، باب في حق الجوار حديث رقم (٥١٥٢) والترمذي في الجامع الصحيح (٣ / ٢٩٤) في كتاب البر ، باب ما جاء في حق الجوار حديث رقم (١٩٤٣).
(٢) رواه البخاري (٧ / ١٠٤) ، ٧٨ ـ كتاب الأدب ، ٣١ ـ باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر حديث رقم (٦٠١٨) ، ومسلم في الصحيح (١ / ٦٨) ، ١ ـ كتاب الإيمان ، ١٩ ـ باب الحث على إكرام الجار حديث رقم (٧٧ / ٤٨).
(٣) رواه أحمد في المسند (٣ / ١١٧) ، وابن ماجه في السنن (٢ / ٩٠٠) ، كتاب الوصايا ، باب هل أوصى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حديث رقم (٢٦٩٧).