أنف من أقاربه إذا كانوا فقراء ، ومن جيرانه إذا كانوا ضعفاء ، فلا يحسن عشرتهم.
١٣ ـ ونهانا عن الفخر : والفخور هو الذي يعدّد مناقبه على الناس تطاولا وتعاظما.
أخرج الطبراني عن ثابت بن قيس بن شماس قال : كنت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقرأ هذه الآية : (إِنَّ اللهَ) إلخ ، فذكر الكبر ، وعظّمه ، فبكى ثابت. فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما يبكيك»؟ فقال : يا رسول الله إني لأحبّ الجمال حتى إنه ليعجبني أن يحسن شراك نعلي.
قال : «فأنت من أهل الجنة ، إنه ليس بالكبر أن تحسن راحلتك ورحلك ، ولكن الكبر من سفه الحقّ ، وغمط الناس» (١).
قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (٤٣))
اختلف في سبب نزول الآية ، فأخرج أبو داود والترمذي وحسّنه والنسائي والحاكم وصححه ، عن علي كرم الله وجهه قال : صنع لنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه طعاما ، فدعانا ، وسقانا من الخمر ، فأخذت الخمر منا ، وحضرت الصلاة فقدموني ، فقرأت : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١)) [الكافرون : ١] أعبد ما تعبدون ، ونحن نعبد ما تعبدون فنزلت (٢).
وفي رواية ابن جرير (٣) وابن المنذر عن علي كرم الله وجهه أن إمام القوم يومئذ هو عبد الرحمن بن عوف ، وكانت الصلاة صلاة المغرب ، كان ذلك لما كانت الخمر مباحة.
وقد فهم الصحابة من النهي في أول الأمر أن الممنوع هو قربان الصلاة في حال السّكر ، فكانوا لا يتناولون مسكرا حتى إذا صلّوا العشاء شربوا ، فقال عمر رضي الله عنه : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت آية المائدة فتركوا الشراب كله.
وقيل : إنّ سبب النزول هو ما رواه ابن جريج عن إبراهيم النخعي قال : نال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم جراحة ، ففشت فيهم ، ثم ابتلوا بالجنابة ، فشكوا ذلك إلى
__________________
(١) انظر الدر المنثور في التفسير المأثور للسيوطي (٢ / ١٦٢).
(٢) رواه أبو داود في السنن (٣ / ٣٢٣) ، كتاب الأشربة ، باب تحريم الخمر حديث رقم (٣٦٧١) ، والترمذي في الجامع الصحيح (٥ / ٢٢٢) ، كتاب التفسير حديث رقم (٣٠٢٦).
(٣) جامع البيان المشهور بتفسير الطبري في تفسيره رواه ابن جرير (٥ / ٦١).