وقال الحسن بن صالح : إن قبل بشهوة فعليه الوضوء ، وإن كان بغير شهوة فلا وضوء عليه.
وقال الشافعي : إذا مس جسدها فعليه الوضوء ، سواء أكان المس لشهوة أو لغير شهوة.
استدل القائلون بأنّ المسّ ليس بحدث بما روي عن عائشة من طرق مختلفة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان يقبل نساءه ثم يصلي ولا يتوضأ (١). وكان يقبلهن وهو صائم. ومن ذلك حديث عائشة أنها طلبت النبيّ صلىاللهعليهوسلم ليلة. قالت : فوقعت يدي على أخمص قدمه وهو ساجد ، يقول : «أعوذ بعفوك من عقوبتك وبرضاك من سخطك» (٢) فثبت بذلك أن المس ليس بحدث.
ثم إن ظاهر مادة المفاعلة فيما يكون فيه الفعل من الجانبين مقصودا ، وذلك في الجماع دون اللمس باليد ، وأيضا فإنّ اللمس وإن كان حقيقة في اللمس باليد ، إلا أنه قد عهد في القرآن إطلاقه كناية عن الجماع ، كما في قوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) [البقرة : ٢٣٧] بل هذا اللفظ قد اشتهر في هذا المعنى ، تسمعهم يقولون في المرأة البغي ، لا تردّ يد لا مس (٣) ، يريدون أنها ليست عفيفة.
وأيضا فالظاهر أن المراد في هذه الآية من الملامسة أو اللمس في القراءة الأخرى الجماع ، لأجل أن تكون شاملة للحدثين الأصغر في قوله : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) والأكبر في قوله : (أَوْ لامَسْتُمُ) أما إذا أريد منه اللمس باليد مثلا ، فإنه يكون قليل الفائدة ، إذ المجيء من الغائط واللمس حينئذ من واد واحد.
وأما من يرى أن الملامسة هي لمس البدن فهو يقول : إنّ اللمس حقيقة في المس باليد ، والملامسة مفاعلة ، وهو في الجماع مجاز أو كناية ، ولا يعدل عن الحقيقة إلى غيرها إلا عند تعذر الحقيقة.
والواقع أنّ اللمس حقيقة في المس باليد كما في قوله :
لمست بكفي كفّه أبتغي الغنى
ولكنه قد تعورف عند إضافته إلى النساء في معنى الجماع ، ويكاد يكون ظاهرا
__________________
(١) رواه أبو داود في السنن (١ / ٧٨) ، كتاب الطهارة ، باب الوضوء حديث رقم (١٧٨) والترمذي في الجامع الصحيح (١ / ١٣٣) ، كتاب الطهارة باب ما جاء في ترك الوضوء حديث رقم (٨٦) ، والنسائي في السنن (١ ـ ٢ / ١١٢) ، كتاب الطهارة باب ترك الوضوء حديث رقم (١٧٠).
(٢) رواه مسلم في الصحيح (١ / ٣٥٢) ، ٤ ـ كتاب الصلاة ، ٤٢ ـ باب ما يقال في الركوع والسجود حديث رقم (٢٢٢ / ٤٨٦).
(٣) رواه النسائي في السنن كتاب النكاح ، باب تزويج الزانية حديث رقم (٣٢٢٩).