يجدون له أثرا في بنات الخئولة ، فهو لم يتزوج واحدة من بنات خاله وخالاته.
ولقد كان يغني عن هذا كله ذكر وصف القرابة ، لكن الأمر ليس كما ذهب إليه المفسرون وإنما هو تعداد للأصناف التي يباح له أن يتزوج منها على الوجه الكامل. كما بيّن للناس ما فرضه عليهم في أزواجهم في غير هذا الموضع.
ولو تمشينا معهم إلى آخر الآية لما استطعنا أن نمشي في الواهبات أنفسهن ، فقد نصوا على أنّ الصحيح أنه لم يكن فيمن كان تحته من النساء من وهبت نفسها ، قال أبو بكر ابن العربي : وروي عن ابن عباس ومجاهد أنهما قالا : لم يكن عند النبي صلىاللهعليهوسلم امرأة موهوبة. وقد بيّنا الحديث الصحيح في مجيء المرأة إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ووقوفها عليه ، وهبتها نفسها له من طريق سهل وغيره في «الصحاح» وهو القدر الذي ثبت سنده وصحّ نقله. والذي يتحقق أنها لما قالت للنبي صلىاللهعليهوسلم : وهبت نفسي لك ، فسكت عنها ، حتى قام رجل فقال : زوجنيها يا رسول الله ، إن لم تكن لك بها حاجة (١). إلخ القصة انتهى ما أردنا نقله عن ابن العربي (٢).
وإلى هنا يتضح أنّ المراد بالإحلال : الإذن العام ، والتوسعة في الزواج من هذه الأصناف ، والإباحة له في أن يختار منهنّ من تقتضي الحكمة الزواج منها.
ولعلك بهذا الذي ذكرنا تستغني عن الكلام في تفسير الآية من جديد. فهو أن هناك أشياء تكلّم فيها المفسرون ، لا نرى بأسا من التعرض لها قبل الكلام فيما ذكروا من أحكام ، قالوا إنها تتصل بالآية :
فقد عرض المفسرون للحكمة في إفراد العم والخال ، وجمع العمة والخالة.
ـ كما تكلموا عن الشرط الثاني (إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها) هل هو شرط في الشرط الأول ، أو في مشروط الشرط الأول : وهو الإحلال.
ـ ولقد تكلموا في قوله تعالى : (خالِصَةً) فقالوا : هل يرجع إلى المرأة المؤمنة ، أو لما قبله جميعا ، وسنذكر هذا على الترتيب فنقول.
قال المفسرون : إن المراد من بنات العم والعمة : القرشيات ، فإنّه يقال للقرشيين قربوا أن بعدوا أعمامه عليه الصلاة والسلام ، ويقال للقرشيات قربن أم بعدن عماته.
والمراد من بنات الخال والخالة البنات من بني زهرة. إطلاق العم والعمة : على أقارب الشخص من جهة أبيه ، والخالة والخال على الأقارب من جهة الأم ، أمر جرى به العرف.
__________________
(١) رواه مسلم في الصحيح (٢ / ١٠٤٠) ، ١٦ ـ كتاب النكاح ، ١٣ ـ باب الصداق حديث رقم (٧٦ / ١٤٢٥) ، والبخاري في الصحيح (٦ / ١٦٨) ، ٦٧ ـ كتاب النكاح ، ٥١ ـ باب التزويج حديث رقم (٥١٤٩).
(٢) انظر أحكام القرآن للإمام ابن العربي (٣ / ١٥٤٦).