وقد كان تحت النبي صلىاللهعليهوسلم ست من القرشيات ، ولم تكن تحته زهرية قط. وذلك يرشد إلى أنّ المراد من الإحلال الإذن في العقد على هؤلاء ، دون أن يستدعي وقوعه.
وإذا حمل العم والعمة على ما هو المعروف ، وكذا الخال والخالة كان الإحلال أيضا مراد منه ذلك. لأنّه لم يكن من بنات أعمامه تحته أحد ، وكذا من بنات خؤولته ، ولم يكن من بنات عمته معه إلا زينب بنت جحش.
ثم قالوا في الحكمة في إفراد العم والخال ؛ وجمع العمة والخالة كلاما كثيرا ، بل إنّ من العلماء من ألف في ذلك كتابا برأسه ، فمنهم من زعم أن العم والخال لم يجمعا لوقوعهما على وزن المصدر ، وهو لا يجمع.
وقيل : بل إن عدم الجمع في العم والخال جاء على الأصل من إرادة العموم عند الإضافة ، وأما العمة والخالة وإن كانتا مضافين فجمعا لمكان تاء الوحدة فيهما ، وهي تأبى العموم في الظاهر وجمع الكل في سورة النور في قوله تعالى : (أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ) [النور : ٦١] لا يسأل عن علته ، لمجيئه على الأصل في نسق واحد.
ويرى بعضهم أنّ الخطاب لما كان للنبي صلىاللهعليهوسلم ، ولم يكن له إلا عمّ واحد تحل بناته له ، وهو أبو طالب ، أما حمزة والعباس فقد كانا أخويه من الرضاعة ، فقد أفرد العم من أجل ذلك ، وجمعت العمات لأنهنّ كثيرات.
ويرى البعض أن الذي جرى هنا من الإفراد في العم جرى على نحو مألوف العرب ، فإنك لا تكاد تجد في كلام العرب العم مضافا إليه الابن أو البنت مفردين أو مجموعين إلا مفردا ، كما قيل :
إن بني عمك فيهم رماح.
وكما قيل :
قالت بنات العمّ يا سلمى.
وجاء الكلام في الخال والخالة على مثاله ، وفي هذا القدر كفاية.
وأما الشرطان في قوله تعالى : (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها) فقد قالوا : إنّ الشرط الثاني شرط في الأول ، فتكون هبة المرأة نفسها لا تستلزم الحل إلّا إذا وجدت إرادة الاستنكاح ، ويقولون : إنّ هذه الإرادة تكون جارية مجرى القبول ، وإذا كانت السين والتاء للطلب ، فتكون الإرادة بمعنى الرغبة التي تسبق العقد ، ثم الهبة والاستنكاح يكون بعد.
ثم إنّهم يقرّرون هنا قاعدة حاصلها : أنّه إذا اجتمع شرطان فالثاني شرط في الأول متأخر عنه في اللفظ متقدم عليه في الوجود ، وهذه القاعدة لو سلمت لهم لكان ذلك مخلّا بتفسير الإرادة بالقبول ، لأن القبول لا يكون إلا بعد الإيجاب ، وعلى ذلك يلزم