قومي» (١). والذي وقع من النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان من هذا النوع ، وإنما عوتب على ما صاحب الامتناع من الحرص على مرضاة الأزواج ، خصوصا بعد المظاهرة التي كانت منهنّ ، ومرضاة مثل هؤلاء ينبغي ألا يحرص عليها. وقد اعتذر بعض العلماء عن الزمخشري ، وأوّل كلامه.
(قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) الفرض : التقدير ، والمراد منه هنا : جعل تحلة اليمين شريعة ، والمراد من التحلة الكفارة ، والتحلة مصدر حلّل ، كالتكرمة مصدر كرّم ، وهو مصدر غير قياسي ، إذ المصدر القياسي في كلّ منهما : التحليل والتكريم. وأصله من الحلّ ضدّ العقد ، وذلك أنّ من حلف على شيء فكأنّه قد عقد عليه ، لأنّه التزمه. وقد جعل الله الكفارة حلّا لهذا الالتزام.
(وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) هو سيدكم ، ومتولي أموركم ، وهو العليم بشأنكم ، يعلم ما فيه مصلحتكم ، فيشرع لكم ما تقضي به هذه المصلحة ، وهو الحكيم الذي لا يصدر عنه إلا كل متقن محكم.
اختلف العلماء في أنّ التحريم الذي كان من النبي صلىاللهعليهوسلم هل كان مقترنا بيمين ، وظاهر الآية قد يؤيّد القول بالإيجاب ، لقوله تعالى : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) إذ هو مشعر بأن ثمة يمينا تحتاج إلى التحلة ، وقد جاء في بعض الروايات ما يؤيده.
واختلفوا أيضا في أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم أعطى كفارة ، أو لم يفعل.
وقد ذهب الحسن إلى أنه لم يعط كفارة ، ويقول في التوجيه : إن النبي صلىاللهعليهوسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وهو توجيه لا يخلو من شيء ، وقد نقل عن الإمام مالك رحمهالله في «المدونة» أنّه أعطى الكفارة.
وقد اختلف العلماء بعد ذلك في الرجل يحرّم شيئا ، كأن يقول لزوجته : أنت عليّ حرام ، أو الحلال عليّ حرام ، ولم يستثن شيئا.
ويقول ابن العربي (٢) : بأنّ للعلماء في تحريم الرجل لزوجته خمسة عشر قولا ، يجمعها ثلاثة مقامات :
المقام الأول : في جمع الأقوال.
الثاني : في التوجيه.
__________________
(١) رواه مسلم في الصحيح (٣ / ١٥٤٣) ، ٣٤ ـ كتاب الصيد ، ٧ ـ باب إباحة الضب حديث رقم (٤٣ / ١٩٤٥) ، والبخاري في الصحيح (٦ / ٢٨٨) ، ٧٢ ـ كتاب الذبائح ، ٣٣ ـ باب النصب حديث رقم (٥٥٣٧).
(٢) انظر أحكام القرآن لابن العربي (٤ / ١٨٣٥).