كِفْلَيْنِ) أي نصيبين (مِنْ رَحْمَتِهِ) يعني يؤتكم أجرين لإيمانكم بعيسى والإنجيل وبمحمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن (ق) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم والعبد المملوك الذي أدى حق مواليه وحق الله ورجل كانت عنده أمة يطؤها فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران» ، (وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) يعني على الصراط وقال ابن عباس : النور هو القرآن وقيل هو الهدى والبيان أي يجعل لكم سبيلا واضحا في الدين تهتدون به (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) أي ما سلف من ذنوبكم قبل الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) قيل لما سمع من لم يؤمن من أهل الكتاب قوله : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) ، قالوا للمسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجره مرتين لإيمانه بكتابكم وكتابنا ومن لم يؤمن فله أجر كأجركم فما فضلكم علينا فنزل (لِئَلَّا يَعْلَمَ) أي ليعلم ولا صلة أهل الكتاب يعني الذين لم يؤمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم وحسدوا المؤمنين (أَلَّا يَقْدِرُونَ) يعني أنهم لا يقدرون (عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ) والمعنى جعلنا الأجرين لمن آمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم ليعلم الذين لم يؤمنوا به أنهم لا أجر لهم ولا نصيب من فضل الله وقيل لما نزل في مسلمي أهل الكتاب (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) افتخروا على المسلمين بزيادة الأجر فشق ذلك على المسلمين فنزل لئلا يعلم أهل الكتاب يعني المؤمنين منهم أن لا يقدرون على شيء من فضل الله ، (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ) يعني الذي خصكم به فإنه فضلكم على جميع الخلائق وقيل يحتمل أن يكون الأجر الواحد أكثر من الأجرين وقيل قالت اليهود يوشك أن يخرج منا نبي يقطع الأيدي والأرجل فلما خرج من العرب كفروا به فأنزل هذه الآية فعلى هذا يكون فضل الله النبوة (يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) يعني محمدا صلىاللهعليهوسلم وهو قوله (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ) أي في ملكه وتصرفه يؤتيه من يشاء لأنه قادر مختار ، (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (خ) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو قائم على المنبر يقول «إنما بقاؤكم فيمن سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس أوتي أهل التوراة التوراة فعملوا بها حتى انتصف النهار ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا إلى صلاة العصر ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قراطين قيراطين فقال أهل الكتابين أي ربنا أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطا ونحن أكثر عملا قال الله تعالى هل ظلمتكم من أجركم شيئا قالوا لا قال فهو فضلي أوتيه من أشاء» وفي رواية «إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالا فقال من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط ثم قال من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط فعملت النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ثم قال من يعمل لي من صلاة العصر إلى غروب الشمس على قيراطين قراطين ألا فأنتم الذين يعملون من صلاة العصر إلى غروب الشمس ألا لكم الأجر مرتين فغضبت اليهود والنصارى وقالوا نحن أكثر عملا وأقل عطاء قال الله عزوجل وهل ظلمتكم من حقكم شيئا قالوا لا قال فإنه فضلي أصيب به من شئت» أي أعطيه من شئت (خ) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوما يعملون له إلى الليل على أجر معلوم فعملوا إلى نصف النهار فقالوا لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا وما عملنا باطل فقال لهم لا تفعلوا اعملوا بقية يومكم وخذوا أجركم كاملا فأبوا وتركوا واستأجر آخرين بعدهم فقال اعملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت لهم من الأجر فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه فقال أكملوا بقية عملكم فإن ما بقي من النهار شيء يسير فأبوا فاستأجر قوما أن يعملوا بقية يومهم فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين كليهما فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور» والله سبحانه وتعالى أعلم.