العرش عما يصفون ) يقول رب المثل الأعلى عما به مثلوه (١) ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء ولا يوصف ولا يتوهم ، فذلك المثل الأعلى ، ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به (٢) فلذلك قال : ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) فليس له شبه ولا مثل ولا عدل ، وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره ، وهي التي وصفها في الكتاب فقال : ( فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) (٣) جهلا بغير علم ، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم ويكفر به وهو يظن أنه يحسن ، فلذلك قال : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) (٤) فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها ، يا حنان إن الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء ، فهم الذين أعطاهم الله الفضل وخصهم بما لم يخص به غيرهم ، فأرسل محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم فكان الدليل على الله بأذن الله عزوجل حتى مضى دليلا هاديا فقام من بعده وصيه عليهالسلام دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه ، ثم الأئمة الراشدون عليهمالسلام.
٥١ ـ باب أن العرش خلق أرباعا (٥)
١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهالله ، قال : حدثنا محمد بن
__________________
١ ـ كلمة ( عن ) في كلامه عليهالسلام متعلقة بسبحان في الآية ، أو بالأعلى في كلامه.
٢ ـ ( ما ) هذه مصدرية ، أي وشبهوه بالمتشابه منهم في حال جهلهم به.
٣ ـ الأعراف : ١٨٠.
٤ ـ يوسف : ١٠٦.
٥ ـ إعلم أن العرش في اللغة يأتي بمعنى سرير السلطنة ، ومنه قوله تعالى : ( أيكم يأتيني بعرشها ) وبمعنى السقف وأعالي البناء ، ومنه قوله تعالى : ( وهي خاوية على عروشها ) ويأتي مصدرا بمعان ، ويستعمل مجازا واستعارة لمعان ، كل ذلك مذكور في مظانه ، وأما تفسيراته في العلوم فعند أهل الحكمة والهيئة يطلق على الفلك التاسع فكونه أرباعا على هذا إنما هو لفرض دائرتين متقاطعتين على ما فصل في كتب الهيئة ، أو لكونه مركبا من