والله علمك وضعفت أمرك ، وما كنت ظننت إلا أنك أعلم أهل الإسلام ، قال الرضا عليهالسلام : وكيف ذلك؟! قال الجاثليق : من قولك : إن عيسا كم كان ضعيفا قليل الصيام قليل الصلاة ، وما أفطر عيسى يوما قط ولا نام بليل قط. وما زال صائم الدهر ، قائم الليل ، قال الرضا عليهالسلام : فلمن كان يصوم ويصلي؟! قال : فخرس الجاثليق وانقطع.
قال الرضا عليهالسلام : يا نصراني إني أسألك عن مسألة ، قال : سل فإن كل عندي علمها أجبتك ، قال الرضا عليهالسلام : ما أنكرت أن عيسى كان يحيى الموتى بإذن الله عزوجل ، قال الجاثليق : أنكرت ذلك من قبل أن من أحيى الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص فهو رب مستحق لأن يعبد (١) قال الرضا عليهالسلام : فإن اليسع قد صنع مثل ما صنع عيسى (٢) مشى على الماء وأحيى الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص فلم يتخذه أمته ربا ولم يعبده أحد من دون الله عزوجل ، ولقد صنع حزقيل النبي عليهالسلام (٣) مثل ما صنع عيسى بن مريم عليهالسلام فأحيا خمسة وثلاثين ألف رجل من بعد موتهم بستين سنة ، ثم التفت إلى رأس الجالوت فقال له : يا رأس الجالوت أتجد هؤلاء في شباب بني إسرائيل في التوراة؟! اختارهم بخت نصر من سبي بني إسرائيل حين غزا بيت المقدس ثم انصرف بهم إلى بابل فأرسله الله عزوجل إليهم فأحياهم (٤)
__________________
١ ـ إنكاره يرجع إلى إذن الله ، وكان عيسى بزعمه ربا مستقلا في ذلك.
٢ ـ في بعض التفاسير أن اليسع كان ابن عم الياس النبي ونبيا بعده على نبينا وآله وعليهما السلام.
٣ ـ هو الملقب بذي الكفل المدفون بقرية في طريق الكوفة إلى الحلة ، وهي أرض بابل التي انصرف بخت نصر بسبايا بني إسرائيل إليها ، وفيما اليوم بأيدي الناس ، حزقيال.
٤ ـ حاصل القصة أن بخت نصر غزا بيت المقدس ، فقتل بني إسرائيل بعضهم وأسر بعضهم ، ثم اختار من الأسرى خمسة وثلاثين ألف رجل كلهم من الشباب ، وأمر هؤلاء مذكور في قصص شباب بني إسرائيل ، ثم نقلهم إلى بابل عاصمة مملكته ، ثم ماتوا أو قتلوا في زمنه أو بعده ، ثم أرسل الله عزوجل حزقيل إلى بابل فأحياهم بإذنه تعالى.