لا يقال : المعصوم لا يخلو إمّا أن يقدر على المعصية ، أو لا يقدر.
فإن قدر فلا يخلو إمّا أن يمكن [وقوعها منه ، أو لا يمكن] (١).
فإن أمكن فهو كسائر المكلّفين في الحقيقة من غير امتياز.
وإن لم يمكن فقدرته على ما [لا] (٢) يمكن وقوعه لا يكون قدرة.
وإن لم يقدر فهو مجبور ، وليس ذلك بشرف له.
وأيضا : إذا جاز أن يمتنع وقوع المعصية من شخص من المكلّفين بفعل الله تعالى ولا يضرّ ذلك قدرته وتمكّنه من الطرفين ، فالواجب أن يجعل جميع المكلّفين كذلك إذا كان الغرض من وجودهم إيصال الثواب إليهم دون وقوع المعصية وعقابهم عليها.
وأيضا : فلم لا يجوز أن يكون الانتهاء في الاحتياج إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله أو القرآن ، وينقطع التسلسل؟
لأنّا نجيب :
عن الأوّل : بأنّه يقدر عليها ، [و] (٣) لكن لا يقع مقدوره منه ؛ لعدم خلوص داعيه إليها ، كما نقول في امتناع وقوع القبائح من الحكيم تعالى ، وكما نقول في عصمة الأنبياء ، فإنّ القدرة على ما لا يمكن وقوعه [لاعتبار] (٤) شيء غير ذاته لا يستنكر ، إنّما يستنكر القدرة على ما لا يمكن وقوعه لذاته.
وعن الثاني : أنّا لا نقول : إنّ الحكيم تعالى جعل شخصا واحدا بفعله معصوما من غير استحقاق منه لذلك ، لكنّا نقول : كلّ من يستحقّ الألطاف الخاصّة ـ التي هي العصمة ـ بكسبه فهو تعالى يخصّه بها ، ثمّ الإمام يجب أن يكون من تلك الطائفة ، فالمكلّفون بأسرهم لو استحقّوا بكسبهم تلك الألطاف لكانوا كلّهم معصومين.
__________________
(١) من «ب».
(٢) من «ب».
(٣) من «ب».
(٤) في «أ» : (باعتبار) ، وما أثبتناه من «ب».