الثالث : أنّ الإمام حافظ للشرع ، فيكون معصوما.
أمّا الصغرى ؛ فلأنّ الحافظ له ليس هو الكتاب ؛ لوقوع النزاع فيه ، ولعدم إحاطته بجميع الأحكام.
وليس هو السنّة ؛ للوجهين السابقين ، ولاتّفاق المسلمين على أنّها ليست حافظة للشرع ، ولأنّها متناهية والحوادث غير متناهية.
وليس هو الأمّة ؛ لجواز [الخطأ] (١) عليهم إذا خلوا عن الإمام ؛ لأنّ كلّ واحد يجوز كذبه ، فالمجموع كذلك. ولأنّ الإجماع إنّما يحصل في قليل من المسائل ، ولأنّ الإجماع إنّما يثبت كونه حجّة إذا ثبت كون النقلة معصومين (٢) ، وإنّما يثبت ذلك بالسمع ؛ لأنّا لو علمنا بالعقل لكان إجماع النصارى حجّة. والسمع يتطرّق إليه النسخ والتخصيص ، فلا بدّ من معرفة عدم الناسخ والمخصّص ، ولا طريق إلى ذلك سوى أنّه لو كان لنقل.
وإنّما يتمّ هذا إذا علمنا أنّ الأمّة لا تخلّ بنقل الشرائع ، وإنّما يكون كذلك لو عرفنا كونهم معصومين. وهذا دور ظاهر.
وليس هو القياس ؛ لأنّه ليس حجّة في نفسه ؛ لإفادته الظنّ الضعيف ؛ لأنّه لا بدّ له من أصل منصوص عليه ، فلا يكون بانفراده حافظا ، ولأنّ أحدا لم يقل بذلك.
وليس هو البراءة الأصلية ، وإلّا لما وجب بعثة الأنبياء عليهمالسلام ، بل كان يكتفى بالعقل ، وذلك باطل.
وليس هو المجموع ؛ لأنّ الكتاب والسنّة وقع التنازع فيهما وفي معناهما ، فلا يجوز أن يكون المجموع حافظا ؛ لأنّهما من جملة ذلك المجموع ، وهما قد اشتملا على بعض الشرع. وإذا كان كلّ واحد من المجموع قد تضمّن بعض الشرع وبطل كونه دليلا على ما تضمّنه ، وذلك البعض الذي تضمّنه ذلك الفرد من جملة الشرع ،
__________________
(١) في «أ» : (الخطايا) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) انظر : الذريعة الى أصول الشريعة ٢ : ٦٣٠. العدّة في أصول الفقه ٢ : ٦٢٨.