فإن وجب الإنكار عليه لزم الدور ؛ من جهة توقّف انزجار الإمام على زجر الرعية ، وزجر الرعية على زجر الإمام. ولوقوع الهرج المحذور منه.
وإن لم يجب الإنكار عليه فهو ممتنع ؛ لقوله صلىاللهعليهوآله : «من رأى (١) منكرا فلينكره» (٢) ، ولوجوب إنكار المنكر بالإجماع.
الخامس عشر : اختلفت الأمّة في مسائل ليست في كتاب الله تعالى ولا السنّة المتواترة ، ولا إجماع عليها ، والقياس ليس بحجّة ؛ لما بيّن في الأصول (٣). والأخبار الآحاد لا تصلح لإفادة الشريعة ؛ لقوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (٤). فلا بدّ من معصوم يعرف الحقّ والباطل ، وذلك هو الإمام.
السادس عشر : أنّ القرآن إنّما نزل ليعلم ويعمل به ، وهو مشتمل على ألفاظ مشتركة مجملة لا يعرف مدلولها من نفسها ، وآيات متعارضة ، وآيات متشابهة ، وقد وقع الاختلاف فيها بين المفسّرين ، ولا سبيل إلى معرفة الحقّ منها بقول غير المعصوم ؛ إذ ليس قول أحد غير المعصومين أولى من الآخر ، فلا بدّ وأن يكون المعرّف لذلك معصوما ، وهو الإمام.
السابع عشر : أنّ الله ـ عزوجل ـ هو الناصب للإمام ، ومن يعلم فساده نصبه قبيح عقلا ، والله تعالى لا يفعل القبيح ، فلا بدّ وأن يكون الإمام معصوما.
__________________
(١) في «أ» زيادة : (منه) بعد : (رأى) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب» والمصدر.
(٢) بحار الأنوار ١٠٠ : ٨٥ / ٥٧ نقلا عن التفسير المنسوب للإمام العسكري عليهالسلام ، سنن الترمذي ٤ : ٤٠٨ ، ب ١١ ، ح ٢١٧٢. مسند أحمد بن حنبل ٣ / ٥١٨ ، ح ١١٤٦٦.
(٣) الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٦٧٥. العدّة في أصول الفقه ٢ : ٦٦٥ ـ ٦٦٦. مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ٢١٤ ـ ٢١٦. تهذيب الوصول الى علم الأصول : ٢٤٧.
(٤) يونس : ٣٦.