الوجه الثالث : أنّ تحصيل الأحكام الشرعية في جميع الوقائع من الكتاب والسنّة وحفظها لا بدّ له من نفس قدسيّة تكون العلوم الكسبيّة بالنسبة إليها كفطرية القياس معصومة من الخطأ ، ولا يقوم غيرها مقامها في ذلك ، إذ الوقائع غير متناهية والكتاب والسنّة متناهيان. ولا يمكن أن تكون هذه النفس لسائر الناس ، فتعيّن أن تكون لبعضهم ، وهو الإمام ، فلا يقوم غيره مقامه.
الوجه الرابع : المطلوب من الرئيس أشياء :
الأول : جمع الآراء على [الأمور] (١) الاجتماعية التي مناط [تكليف] (٢) الشارع فيها الاجتماع كالحروب والجماعات ، فإنّه من المستبعد ـ بل المحال ـ أن يجتمع آراء الخلق الكثير على أمر واحد وعلى مصلحة واحدة ، وأن يعرف الكلّ تلك المصلحة ويتّفقوا عليها ، وأن يجتمعوا من البلاد المتباعدة ، وأن يتّفق داعيهم (٣) في وقت واحد على الحرب ومدّته وجهته والمهاياة و [المصالحة] (٤) في جميع الأوقات ، فإنّ الاتّفاقي لا يكون دائما ولا أكثريا (٥). ولا يقوم غير الرئيس في ذلك مقام الرئيس ، وهو ظاهر.
الثاني : التقدّم في ما يحتاج فيه إلى الاجتماع ، فإنّ الناس لا يتّفقون على مقدّم ، فيؤدّي إلى الاختلاف ، وهو نقض للغرض ، فلا بدّ وأن يتميّز بأنّه من الله تعالى ، ويكون منزّها عن كلّ عيب ، ويكون معصوما ؛ لئلّا [ينفّر] (٦) الطباع عنه.
__________________
(١) في «أ» : (العلوم) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) في «أ» : (بتكليف) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في هامش «ب» : (دواعيهم) خ ل.
(٤) في «أ» : (المصافحة) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) الشفاء (الطبيعيات) ١ : ٦٣.
(٦) في «أ» : (ينفوا) ، وما أثبتناه من «ب».