نعم ، قد يكون البعض بهذه المثابة ، لكن لو نظر إلى ذلك البعض لكانت بعثة الأنبياء قبيحة ؛ لاستنكاف البعض منها.
وأيضا فإنّ هذا إنّما يكون بالنسبة إلى شخص معيّن ، أمّا مطلق الرئيس فلا ، ونحن الآن لا نتعرّض لتعيين ذلك الرئيس.
وأيضا فلأنّ المفسدة الحاصلة عند عدمه أغلب منها عند وجوده ، فيجب وجوده نظرا إلى حكمته.
وعن السابع : أنّ الإمامة لا شكّ في [كونها] (١) لطفا بالنسبة إلى غير المعصومين مع بقاء التكليف ، فيكون حينئذ واجبا. أمّا إذا افتقد أحد الشرطين ـ وهو جواز الخطأ على المكلّفين ، أو التكليف ـ لم نقل بوجوب الإمامة حينئذ ، وذلك لا يضرّنا.
لا يقال : مذهبكم وجوب الإمامة مع التكليف مطلقا.
لأنّا نقول : لا نسلّم ، بل مع شرط آخر ، وهو جواز الخطأ.
وعن الثامن : أنّها مصلحة فيهما ، والشرع لا يسلّم جواز انقطاعه مع بقاء التكليف.
وهذا المنع يتأتى من القائل (٢) بعدم جواز انفكاك التكليف العقلي عن [السمعي] (٣).
سلّمنا ، لكنّ ترك الظلم ليس مصلحة دنيويّة لا غير ، بل هو مصلحة دينيّة ودنيويّة ؛ لأنّ الإخلال به من التكاليف العقليّة والسمعية.
سلّمنا ، لكنّه يكون لطفا في أفعال القلوب ، فإنّ ترك القبيح لأجل الإمام ابتداء ممّا يؤثر استعدادا تامّا لتركه لقبحه.
__________________
(١) في «أ» و «ب» : (كونه) ، وما أثبتناه للسياق.
(٢) أوائل المقالات (ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) ٤ : ٤٤. وفيه : (إنّ القائل بذلك هم الإماميّة ووافقهم أصحاب الحديث. وخالفهم في ذلك المعتزلة والخوارج والزيديّة ، وزعموا أنّ العقول تعمل بمجرّدها من دون السمع).
(٣) في «أ» : (السمع) ، وما أثبتناه من «ب».