وثانيهما : ما يكون من فعل غيره.
وكلّ قسم ينقسم إلى قسمين : أحدهما : ما يكون لطفا في واجب.
وثانيهما : ما يكون لطفا في مندوب.
وقد بيّن في علم الكلام (١) أنّ كلّ ما هو لطف من فعله تعالى في واجب كلّف العبيد به على وجه لا يقوم غيره من أفعاله ولا أفعال غيره مقامه فيما هو لطف فيه [فهو] (٢) واجب على الله تعالى ، وإلّا لقبح التكليف بالملطوف فيه ، وانتقض غرضه.
ونصب الإمام فيما نحن فيه كذلك ، فثبت أنّ نصب الإمام ما دام التكليف باقيا واجب على الله تعالى.
فهذا الدليل مبنيّ على مقدّمات :
الأولى : أنّ نصب الإمام لطف في الواجبات ، وهذا بيّن ، وقد قرّرناه فيما مضى (٣).
الثانية : أنّه من فعل الله تعالى ، لأنّ الإمام يجب أن يكون معصوما ، فلا يمكن أن يكون نصبه من فعل غير الله ؛ لأنّ غير المطّلع على السرائر لا يكون مطّلعا على السرائر ، فلا يقدر أن يميّز الموصوف بامتناع وقوع المعصية [منه] (٤) عن غيره حتّى ينصّبه إماما.
الثالثة : أنّه لا يقوم غيره مقامه ، وقد تقرّر ذلك فيما مضى (٥).
__________________
(١) انظر : الاقتصاد فيما يتعلّق بالاعتقاد : ١٣٢ ـ ١٣٣. تجريد الاعتقاد : ٢٠٤. قواعد المرام في علم الكلام : ١١٨. مناهج اليقين : ٢٥٤. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٣٥١ ـ ٣٥٥٢.
(٢) من «ب».
(٣) قرّره في البحث الرابع من هذه المقدمة.
(٤) في «أ» و «ب» : (عنه) ، وما أثبتناه للسياق.
(٥) قرّره في البحث الخامس من هذه المقدمة.