وشيء منهما لا يتمّ على مذهبهم :
أمّا المقدّمة الأولى ؛ فلاستحالة تعليل أفعاله تعالى بالأغراض (١).
وأمّا الثانية ؛ فلأنّ نفي الحسن والقبح العقليّين يستلزم جواز إظهار المعجز منه على يد الكاذب.
ولأنّ نفي وجوب شيء عليه تعالى يستلزم جواز إثابة العاصي على معصيته ، وعقاب المطيع على طاعته ، وإدخال الأنبياء النار ، وإدخال الفراعنة الجنّة. وهذا ممّا يعدّه العقلاء سفها لو صدر من آدمي ، فكيف إذا صدر من قادر حكيم؟! سبحانه وتعالى عمّا يصفون.
وأمّا الثانية : فهي واهية ؛ لوجوه :
الأوّل : أنّ الإمام لطف في حال غيبته وظهوره ، [أمّا عند ظهوره] (٢) ؛ فلما مرّ (٣).
وأمّا عند غيبته ؛ فلأنّه يجوّز المكلّف ظهوره كلّ لحظة ، فيمتنع من الإقدام على المعاصي ، وبذلك يكون لطفا.
لا يقال : تصرّف الإمام إن كان شرطا في كونه لطفا وجب على الله تعالى فعله وتمكينه ، وإلّا فلا لطف.
لأنّا نقول : إنّ تصرّفه لا بدّ منه في كونه لطفا ، ولا نسلّم أنّه يجب عليه تعالى تمكينه ؛ لأنّ اللطف إنّما يجب إذا لم يناف التكليف ، فخلق الله تعالى الأعوان للإمام ينافي التكليف ، وإنّما لطف الإمام يحصل ويتمّ بأمور :
منها : خلق الله الإمام وتمكينه بالقدرة والعلوم والنصّ عليه باسمه ونسبه ، وهذا يجب عليه تعالى ، وقد فعله.
__________________
(١) كتاب تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل : ٥٠ ـ ٥١. وانظر : نهج الحقّ وكشف الصدق : ٨٩.
(٢) من «ب».
(٣) مرّ في البحث الرابع من هذه المقدمة.