وقال وهب : أن ذا القرنين أتى على جبل قاف ، فرأى جبالا صغارا ، فقال له : من أنت؟ قال : قاف ، قال : فأخبرنى ما هذه الجبال التى حولك؟ فقال : هى عروقى ، فإذا أراد الله أن يزلزل أرضا ، أمرنى فحركت عرقا من عروقى ، فزلزت الأرض المتصلة به ، فقال يا قاف : أخبرنى بشىء من عظمة الله تعالى ، فقال : إن شأن ربنا لعظيم ، تقصر عنه الصفات ، وتنقضى دونه الأوهام ـ قال : فأخبرنى بأدنى ما يوصف منها؟. قال : إن ورائى لأرضا مسيرة خمسمائة عام من جبال الثلج ، يحطم بعضها بعضا ، ومن وراء ذلك جبال من البرد مثلها ، ولو لا ذلك الثلج والبرد ، لاحترقت الدنيا من حرّ جهنم.
قال : زدنى .. فقال : إن جبريل ـ عليهالسلام ـ واقف بين يدى الله ـ تعالى ـ ترتعد فرائصه ، فيخلق الله من كل رعدة مائة ألف ملك ، وهم صفوف بين يدى الله ، منكسوا رؤوسهم ، لا يؤذن لهم فى الكلام إلى يوم القيامة ، فإذا أذن الله لهم فى الكلام قالوا : «لا إله إلا الله» (١) وهو قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً)
[النبأ : ٣٨]
وعن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ قال :
لما خلق الله الأرض جعلت تميد ، فخلق الجبال ، وألقاها عليها فاستقامت ، فتعجبت الملائكة من شدة الجبال ، فقالت : يا رب .. هل من خلقك شىء أشد من الجبال؟ قال : نعم .. الحديد ؛ فقالت : يا رب ؛ هل من خلقك شىء أشد من الحديد؟. قال : نعم .. النار ، فقالت : يا رب .. هل من خلقك شىء أشد من النار؟ قال : نعم .. الماء ، فقالت : يا رب .. هل من خلقك
__________________
(١) قصص الأنبياء للثعالبى ص ٨